البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٣٢٨
وحينئذ حيث كان خارجه فلا كراهة، وما اختاروه كما نقلناه لم يوافق واحدا من الاحتمالات الثلاثة لأنهم قالوا بالكراهة إذا وجد أحدهما في المسجد المصلي أو الميت كما قال في المجتبي وتكره سواء كان الميت والقوم في المسجد أو أحدهما. ولعل وجهه أنه لما لم يكن دليل على واحد من الاحتمالات بعينه قالوا بالكراهة بوجود أحدهما أيا كان، وظاهر كلام المصنف أن الكراهة تحريمية لأنه عطفه على ما لا يجوز من الصلاة راكبا وهي إحدى الروايتين مع أن فيه إيهاما لأن في المعطوف عليه لم تصح الصلاة أصلا وفي المعطوف هنا صحيحة، والأخرى أنها تنزيهية ورجحه في فتح القدير بأن الحديث ليس نهيا غير مصروف ولا قرن الفعل بوعيد بظني بل سلب الاجر وسلب الاجر لا يستلزم ثبوت استحقاق العقاب لجواز الإباحة. ثم قرر تقريرا حاصله أنه لا خلاف بيننا وبين الشافعي على هذه الرواية لأنه يقول بالجواز في المسجد لكن الأفضل خارجه وهو معنى كراهة التنزيه وبه يحصل الجمع بين الأحاديث اه‍.
لكن تترجح كراهة التحريم بالرواية الأخرى التي رواها الطيالسي كما في الفتاوى القاسمية: من صلى على ميت في المسجد فلا صلاة له. ولم يقيد المصنف كصاحب المجمع المسجد بالجماعة كما قيده في الهداية لعدم الحاجة إليه لأنهم يحترزون به عن المسجد المبني لصلاة الجنازة فإنها لا تكره فيه مع أن الصحيح أنه ليس بمسجد لأنه ما أعد للصلاة حقيقة لأن صلاة الجنازة ليست بصلاة حقيقة وحاجة الناس ماسة إلى أنه لم يكن مسجدا توسعة للامر عليهم. واختلفوا أيضا في مصلى العيدين أنه هل هو مسجد، والصحيح أنه مسجد في حق جواز الاقتداء وإن لم تتصل الصفوف لأنه أعد للصلاة حقيقة لافي حرمة دخول الجنب والحائض. كذا في المحيط وغيره. واعلم أن ظاهر الحديث وكلامهم أنه لا أجر أصلا لمن صلى عليها في المسجد ولا يلزم منه عدم سقوط الفرض لعدم الملازمة بينهما. ولم يذكر المصنف رحمه الله ما إذا اجتمعت الجنائز للصلاة قالوا: الإمام بالخيار إن شاء صلى عليهم دفعة واحدة وإن شاء صلى على كل جنازة صلاة على حدة، فإن أراد الثاني فالأفضل أن يقدم
(٣٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 ... » »»
الفهرست