قوله: (ويقوم من الرجل والمرأة بحذاء الصدر) لأنه موضع القلب وفيه نور الايمان فيكون القيام عنده إشارة إلى الشفاعة لايمانه، وهذا ظاهر الرواية وهو بيان الاستحباب حتى لو وقف في غيره أجزأه. كذا في كافي الحاكم. وما في الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام صلى على امرأة ماتت في نفاسها فقام وسطها لا ينافي كونه الصدر بل الصدر وسط باعتبار توسط الأعضاء إذ فوقه يداه ورأسه وتحته بطنه وفخذاه، ويحتمل أنه وقف كما قلنا إلا أنه مال إلى العورة في حقها فظن الراوي ذلك لتقارب المحلين. كذا في فتح القدير قوله: (ولم يصلوا ركبانا) لأنها صلاة من وجه لوجود التحريمة فلا يجوز تركه القيام من غير عذر احتياطا. وما في غاية البيان من أنها ليست بأكثر من القيام فإذا ترك القيام انعدمت أصلا فلم يجز تركه فيه نظر، لأنه يقتضي أن ركنها القيام فقط وهو غير صحيح، قيدنا بكونه بغير عذر لأنه لو تعذر النزول لطين ومطر جاز الركوب فيها، وأشار إلى أنها لا تجوز قاعدا مع القدرة على القيام. ولو كان ولي الميت مريضا فصلى قاعدا وصلى الناس خلفه قياما ما أجزأهم في قول أبي حنيفة وأبي يوسف.
وقال محمد: يجزئ الإمام ولا يجزئ المأموم بناء على اقتداء القائم بالقاعد.
قوله (ولا في مسجد) لحديث أبي داود مرفوعا من صلى على ميت في المسجد فلا أجر له وفي رواية فلا شئ له أطلقه فشمل ما إذا كان الميت والقوم في المسجد، أو كان الميت خارج المسجد والقوم في المسجد أو كان الإمام مع بعض القوم خارج المسجد والقوم الباقون في المسجد أو الميت في المسجد والإمام والقوم خارج المسجد وهو المختار خلافا لما أورده النسفي. كذا في الخلاصة. وهذا الاطلاق في الكراهة بناء على أن المسجد إنما بني للصلاة المكتوبة وتوابعها من النوافل والذكر وتدريس العلم. وقيل: لا يكره إذا كان الميت خارج المسجد وهو مبني على أن الكراهة لاحتمال تلويث المسجد والأول هو الأوفق لاطلاق الحديث كذا في فتح القدير. فما في غاية البيان والعناية من أن الميت وبعض القوم إذا كانا خارج المسجد والباقون فيه لا كراهة اتفاقا ممنوع. وقد يقال: إن الحديث يحتمل ثلاثة أشياء:
أن يكون الظرف وهو قوله في مسجد ظرفا للصلاة والميت وحينئذ فللكراهة شرطان: كون الصلاة في المسجد وكون الميت فيه، فإذا فقد أحدهما فلا كراهة. الثاني أن يكون ظرفا للصلاة فقط فلا يكره إذا كان الميت في المسجد والقوم كلهم خارجه. الثالث أن يكون ظرفا للميت فقط