البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٩٦
قد سقط بتقديمه ولكن هل زالت الجنابة عنهما أو هو موقوف على غسل الباقي؟ فرواية التجزي قائلة بالأول، ورواية عدم التجزي قائلة بالثاني لا أنها قائلة بوجوب إعادة غسل الرجلين، وفائدة اختلاف الروايتين أنه لو تمضمض الجنب أو غسل يديه هل يحل له قراءة القرآن ومس المصحف؟ فعلى رواية التجزي يحل له لزوال الجنابة عنه، وعلى رواية عدم التجزي لا يحل له لعدم الزوال الآن، وقد صحح المشايخ هذه الرواية. وقد اندفع بما ذكرنا أيضا ما استشكله بعض المحشين من زوال الجنابة بصب الماء من الرأس كما هو العادة على رواية التجزي وقال: كما لا يخفى ولم يجب عنه وهو سهو منه وسوء فهم فإنهم اتفقوا على أن البدن في الغسل كعضو واحد واتفقوا على أن الماء لا يصير مستعملا إلا بعد الانفصال عن العضو. فعلى رواية التجزي لا يصير مستعملا إلا إذا انفصل عن جميع البدن وإن زالت الجنابة عن كل عضو انفصل عنه الماء وهذا ظاهر لا يخفى. والذي يظهر أن القائلين بالتأخير إنما استحبوه ليكون الافتتاح والاختتام بأعضاء الوضوء أخذا من حديث ميمونة. قال القاضي عياض في شرح مسلم: وليس فيه تصريح بل هو محتمل لأن قولها توضأ وضوءه للصلاة الأظهر فيه إكمال وضوئه، وقولها آخرا ثم تنحى فغسل رجليه يحتمل أن يكون لما نالهما من تلك البقعة اه‍. فعلى هذا يغسلهما بعد الفراغ من الغسل مطلقا أعني سواء غسلهما أو لا إكمالا للوضوء أو لم يغسلهما، وسواء أصابهما طين أو كانتا في مستنقع الماء المستعمل أو لم يكن شئ من ذلك. ثم لا يخفى تعين غسلهما في حق الواحد منا بعد الفراغ من الغسل إذا كانتا في مستنقع الماء وكان على البدن نجاسة من مني أو غيره والله سبحانه وتعالى أعلم.
وفي الذخيرة نقلا عن العيون: خاض الرجل في ماء الحمام بعدما غسل قدميه فإن لم يعلم أن في الحمام جنبا أجزأه أن لا يغسل قدميه، وإن علم في الحمام جنبا قد اغتسل يلزمه أن يغسل قدميه إذا خرج. قال رحمه الله في واقعاته: وعلى ما اخترناه في الماء المستعمل ينبغي أن لا يلزمه غسل القدمين لكن استثنى الجنب في الكتاب فإنه موضع الاستثناء وغيره قال:
إنما استثنى الجنب لأن الجنب يكون على بدنه قذر ظاهرا وغالبا حتى لو لم يكن كان الماء المستعمل للمحدث والجنب سواء ويكون طاهرا على رواية محمد ولا يلزمه غسل الرجلين وهو الظاهر اه‍. وفي بقية حديث ميمونة ثم أتيته بالمنديل فرده قال النووي: فيه استحباب ترك تنشيف الأعضاء. وقال الإمام: لا خلاف في أنه لا يحرم تنشيف الماء عن الأعضاء ولا يستحب ولكن هل يكره؟ فيه خلاف بين الصحابة. وقال القاضي: يحتمل رده للمنديل
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست