البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ١٠٠
الإرادة أو لا فكيف يكون سببا؟ وقيل السبب الجنابة ورد أيضا لوجوده في الحيض والنفاس، واختار في غاية البيان أن السبب الجنابة أو ما في معناه ليدخل الحيض والنفاس ويرد بما قدمناه في أول الكتاب من أنه يوجد الحدث والجنابة ولا يجب الوضوء والغسل كما إذا كان قبل الوقت فالأولى أن يقال: سببه وجوب ما لا يحل مع الجنابة وهذا هو الذي اختاره في فتح القدير. أعلم أن الأمة مجمعة الآن على وجوب الغسل بالجماع وإن لم يكن معه إنزال وعلى وجوبه بالانزال، وكانت جماعة من الصحابة على أنه لا يجب إلا بالانزال ثم رجع بعضهم وانعقد الاجماع بعد الآخرين وفي الباب حديث إنما الماء من الماء مع حديث أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرجل يأتي أهله ثم لا ينزل قال: يغسل ذكره ويتوضأ. وفيه الحديث الآخر إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل وإن لم ينزل قال العلماء: العمل على هذا الحديث، وإما حديث الماء من الماء فالجمهور من الصحابة ومن بعدهم قالوا إنه منسوخ ويعنون بالنسخ أن الغسل من الجماع بغير إنزال كان ساقطا ثم صار واجبا. وذهب ابن عباس وغيره إلى أنه ليس منسوخا بل المراد به نفي وجوب الغسل بالرؤية في النوم إذا لم ينزل وهذا الحكم باق بلا شك، وأما حديث أبي بن كعب ففيه جوابان: أحدهما أنه منسوخ، والثاني أنه محمول على ما إذا باشرها فيما سوى الفرج كذا ذكر النووي في شرح مسلم لكن عندنا يشترط في وجوب الغسل بالانزال أن يكون انفصال المني عن شهوة وهو ما ذكره بقوله عند مني ذي دفق وشهوة. يقال دفق الماء دفقا صبه صبا فيه دفع وشدة كذا في المغرب. وفي ضياء الحلوم: دفق الماء دفقا صبه ودفق الماء دفوقا يتعدى ولا يتعدى. وعبر عنه في الهداية بقوله: أنزال المني على وجه الدفق والشهوة والأولى أن يقال: نزول المني دون الانزال لأنه يلزم من النزول الانزال دون العكس، فإن من احتلم أو وجد على فخذه يجب عليه الغسل بلا قصد الانزال ذكره الهندي. فعلى هذا التقدير يكون ذكر الدفق اشتراطا للخروج من رأس الذكر فإنه يقال دفق الماء دفوقا بمعنى خرج من محله
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»
الفهرست