البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٨٥
قوله (وامرأة) بالجر عطف على ذكر أي مس بشرة المرأة لا ينقض الوضوء مطلقا، سواء كان بشهوة أو لا. وقال الشافعي: ينتقض وضوء اللامس مطلقا، كان بشهوة وقصد أو لا.
وله في الملموس قولان أصحهما النقض إلا إذا لمس ذات رحم محرم أو صغيره لا تشتهى فإنه لا ينقض على الأصح بخلاف العجوز فالصحيح النقض، وهذه المسألة قد وقع الاختلاف فيها في الصدر الأول وهو اختلاف معتبر حتى قال بعض مشايخنا: ينبغي لمن يؤم أن يحتاط فيه، فمذهب عمرو بن مسعود وعبد الله بن عمر وجماعة من التابعين كمذهب الشافعي، ومذهب علي وابن عباس وجماعة من التابعين كمذهبنا. استدل الشافعي بقوله تعالى * (أو لامستم النساء) * (النساء: 43) فإن اللمس يطلق على الجس باليد قال تعالى * (فلمسوه بأيديهم) * (الانعام: 7) وبقول أهل اللغة اللمس يكون باليد وبغيرها وقد يكون بالجماع فنعمل بمقتضى اللمس مطلقا، فمتى التقت البشرتان انتقض، سواء كان بيد أو جماع. ولأئمتنا في الجواب عن هذا أوجه: أحدهما ما ذكره الأصوليون كفخر الاسلام البزدوي أن حقيقة اللمس يكون باليد وأن الجماع مجاز فيه لكن المجاز مراد الاجماع حتى حل للجنب التيمم بالآية فبطلت الحقيقة لأنه يستحيل اجتماعهما مرادين بلفظ واحد. ثانيهما وهو المذكور في بعض كتب الفقه أن اللمس إذا قرن بالمرأة كان حقيقة في الجماع، يؤيده أن الملامسة مفاعلة من اللمس وذلك يكون بين اثنين فصاعدا، وعندهم لا يشترط اللمس من الطرفين. ثالثها أن اللمس مشترك بين اللمس باليد وبين الجماع ورجحنا الحمل على الجماع بالمعنى وذلك أنه سبحانه وتعالى أفاض في بيان حكم الحدثين الأصغر والأكبر عند القدرة على الماء بقوله * (إذا قمتم إلى الصلاة) * إلى قوله * (وإن كنتم جنبا فأطهروا) * (النساء: 43) فبين أنه الغسل، ثم شرع في بيان الحال عند عدم القدرة عليه بقوله * (وإن كنتم مرضى أو على سفر) * إلى قوله * (فتيمموا صعيدا) * (النساء: 43) الخ. فإذا حملت الآية على الجماع كان بيانا لحكم الحدثين الأصغر والأكبر عند عدم الماء كما بين حكمهما عند وجوده فيتم الغرض لأن بالناس حاجة
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست