أشار إليه القاضي عياض والخروج من الخلاف مستحب عندنا. واتفق العلماء على عدم وجوب الوضوء في الغسل إلا داود الظاهري فقال بالوجوب في غسل الجنابة وإذا توضأ أولا لا يأتي به ثانيا بعد الغسل، فقد اتفق العلماء على أنه لا يستحب وضوءان. ذكره النووي في شرح مسلم يعني لا يستحب وضوءان للغسل، أما إذا توضأ بعد الغسل واختلف المجلس على مذهبنا أو فصل بينهما بصلاة كما هو مذهب الشافعي فيستحب. وفي الحديث أيضا استحباب أن يدلك المستنجي بالماء يده بالتراب أو بالحائط ليذهب الاستقذار منها، وفيه استحباب تقديم غسل الرأس في الصب وقد اختلف فيه، فقال الحلواني: يفيض الماء على منكبه الأيمن ثلاثا ثم الأيسر ثلاثا ثم على سائر جسده، وقيل يبدأ بالأيمن ثم بالأيسر ثم بالرأس، وقيل يبدأ بالرأس وهو ظاهر لفظ الهداية. وظاهر حديث ميمونة المتقدم وبه يضعف ما صححه صاحب الدرر والغرر ن أنه يؤخر الرأس وكذا صححه في المجتبى. وفي قوله ثم يتوضأ إشارات: الأولى أنه يمسح رأسه في هذا الوضوء وهو الصحيح لأنه روي في بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم توضأ وضوءه للصلاة وهو اسم للغسل والمسح. وفي البدائع أنه ظاهر الرواية الثانية أنه لا يؤخر غسل قدميه وفيه خلاف، ففي المبسوط والهداية أنه يؤخر غسل قدميه إذا كان في مستنقع الماء أي مجتمعه ولا يقدم، وعند بعض مشايخنا وهو الأصح من مذهب الشافعي أنه لا يؤخر مطلقا وأكثر مشايخنا على أنه يؤخر مطلقا. وأصل الاختلاف ما وقع من روايتي عائشة وميمونة، ففي رواية عائشة أنه توضأ وضوءه للصلاة ولم يذكر فيها تأخير القدمين فالظاهر تقديم غسلهم فأخذ بهذه الشافعي وبعض مشايخنا لطول الصحبة والضبط في الحديث، وفي رواية ميمونة صريحا تأخير غسلهما فأخذ به أكثر مشايخنا لشهرتها. وفي المجتبى: الأصح التفصيل وهو المذكور في الهداية، ووجهه التوفيق بين الروايتين بحمل ما روت عائشة على ما إذا لم يكن في مجتمع الماء، وحمل ما روت ميمونة على ما إذا كان في مجتمع الماء.
والظاهر أن الاختلاف في الأولوية لا في الجواز، فقول المشايخ القائلين بالتأخير أنه لا