فائدة في تقديم غسلهما لأنهما يتلوثان بالغسلات بعد فيحتاج إلى غسلهما ثانيا معناه أنه لا تحصل الفائدة الكاملة في تقديم غسلهما. وأنما قلنا هذا لأنه لو قدم غسلهما ولم يغسلهما ثانيا خرج عن الجنابة وجازت صلاته على ما هو المفتى به لأن الماء الذي أصابهما من الأرض المجتمع فيها الغسلات مستعمل والماء المستعمل طاهر على المفتى به وليس الذي أصاب قدميه من صبه على بقية بدنه غير ما اجتمع في الأرض مستعملا، أما على رواية عدم التجزي فظاهر، وأما على رواية التجزي فلا يوصف هذا الماء بالاستعمال إلا بعد انفصاله عن جميع البدن، فالماء الذي أصاب القدمين غير مستعمل لأن البدن كله في الغسل كعضو واحد حتى يجوز نقل البلة فيه من عضو إلى آخر فحينئذ لا حاجة إلى غسلهما ثانيا إلا على سبيل التنزه والأفضلية لا للزوم لأن الماء المستعمل الذي أصابه من مجتمع الغسلات وإن كان طاهرا فقد انتقل إليه الحدث حتى تعافه الطباع السليمة، وقد صرح به الهندي فقال: وهذا إنما يتأتى على رواية نجاسة الماء المستعمل أيضا. ويدل على هذا ما ذكره في المحيط بقوله: وإنما لا يغسل رجليه لأن غسلهما لا يفيد لأنهما يتنجسان ثانيا باجتماع الغسلات فعلم منه أنه على رواية نجاسة الماء المستعمل وعليها، فمعنى قولهم لا يفيد أنه لا يفيد فائدة تامة وإلا فقد أفاد التقديم فائدة وهي حل القرآن ومس المصحف وإن كانت قدماه متنجستين بالماء المستعمل، وبهذا أظهر فساد ما ذكره ابن الملك في شرح المجمع من أن عدم الفائدة على رواية عدم التجزي، أما على رواية التجزي فغسلهما مفيد لأن الجنابة تزول عن رجليه إذا غسلهما في الوضوء ويكون طاهرا في مجتمع الماء بعد غسل سائر جسده فإنه فهم من رواية عدم التجزي أن لو غسل رجليه أو ثم غسل باقي بدنه يجب عليه إعادة غسل رجليه لأجل عدم ارتفاع الجنابة عنهما وهذا ذهول عظيم وسهو كبير فإنهم اتفقوا على أن فرض غسل القدمين
(٩٥)