البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٨٤
عنهم سخرنا منه. ومما يدل على انقطاع حديث بسرة باطنا أن أمر النواقض مما يحتاج الخاص والعام إليه وقد ثبت عن علي وعمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وحذيفة بن اليمان وعمران بن الحصين وأبي الدرداء وسعد بن أبي وقاص أنهم لا يرون النقض وإن روى عن غيرهم خلافه. وفي السنن للدارقطني حدثنا محمد بن الحسن النقاش أخبرنا عبد الله بن يحيى القاضي السرخسي أخبرنا رجاء بن مرجا الحافظ قال: اجتمعنا في مسجد الخيف أنا وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني ويحيى بن معين فتناظرنا في مس الذكر فقال يحيى بن معين: يتوضأ منه. وقال علي بن المديني بقول الكوفيين وتقلد قولهم. واحتج يحيى بن معين بحديث بسرة بنت صفوان، واحتج علي بن المديني بحديث قيس بن طلق وقال ليحيى: كيف تتقلد إسناد بسرة ومروان أرسل شرطيا حتى رد جوابها إليه؟ وقال يحيى:
وقد أكثر الناس في قيس بن طلق ولا يحتج بحديثه فقال ابن حنبل: كلا الامرين على ما قلتما. فقال يحيى: حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه توضأ من مس الذكر فقال ابن المديني: كان ابن مسعود يقول: لا يتوضأ منه وإنما هو بضعة من جسدك. فقال يحيى عمن قال عن سفيان عن أبي قيس عن هذيل عن عبد الله، وإذا اجتمع ابن مسعود وابن عمر فابن مسعود أولى أن يتبع. فقال ابن حنبل: نعم ولكن أبو قيس لا يحتج بحديثه. فقال: حدثني أبو نعيم أخبرنا مسعر عن عمير بن سعيد عن عمار بن ياسر قال: ما أبالي مسسته أو أنفي فقال ابن حنبل: عمار وابن عمر استويا فمن شاء أخذ بهذا ومن شاء أخذ بهذا ا ه‍. وإن سلكنا طريق الجمع جعل مس الذكر كناية عما يخرج منه وهو من أسرار البلاغة يسكتون عن ذكر الشئ ويرمزون عليه بذكر ما هو من روادفه، فلما كان مس الذكر غالبا يرادف خروج الحدث منه ويلازمه عبر به عنه كما عبر الله تعالى بالمجئ من الغائط عما يقصد لأجله ويحل فيه فيتطابق طريقا الكتاب والسنة في التعبير فيصار إلى هذا الدفع التعارض والله الموفق للصواب. ويستحب لمن مس ذكره أن يغسل يده، صرح به صاحب المبسوط وهذا أحد ما حمل به حديث بسرة فقال: أو المراد بالوضوء غسل اليد استحبابا كما في قوله الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي اللمم لكن في البدائع ما يفيد تقييد الاستحباب بما إذا كان الاستنجاء بالأحجار دون الماء وهو حسن كما لا يخفى.
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست