إلى بيانهما خلاف ما ذهبوا إليه من كونه باليد فإنه يكون تكرارا محضا لأنه قد علم الحدث الأصغر بقوله * (أو جاء أحد منكم من الغائط) * (النساء: 43) ويدل عليه من السنة حديث عائشة الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه في كتاب الصلاة قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان وهو يقول: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك إلى آخر الدعاء. وفي رواية للبيهقي بإسناد صحيح: فالتمست بيدي فوقعت يدي على بطن قدميه وهما منصوبتان وهو ساجد. وحديث عائشة أيضا في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهي معترضة بينه وبين القبلة فإذا أراد أن يسجد غمز رجلها فتقبضها. وفي رواية النسائي بإسناد صحيح: فإذا أراد أن يوتر مسني برجله. وقول النووي في شرح المهذب أنه يحتمل كونه فوق حائل بعيد كما لا يخفى والله أعلم بالصواب.
قوله: (وفرض الغسل غسل فمه وأنفه وبدنه) قد تقدم وجه تقديم الوضوء على الغسل. والواو في قوله وفرض إما للاستئناف أو للعطف على قوله فرض الوضوء.
والفرض مصدر بمعنى المفروض لأن المصدر يذكر ويراد به الزمان والمكان والفاعل والمفعول كذا في الكشاف. وقوله الغسل يعني غسل الجنابة والحيض والنفاس كذا في السراج الوهاج، وظاهره أن المضمضة والاستنشاق ليستا شرطين في الغسل المسنون حتى يصح بدونهما. ثم اعلم أن الكلام في الغسل في مواضع في تفسيره لغة وشرعا وفي سببه وركنه وشرائطه وسننه وآدابه وصفته وحكمه. أما تفسيره لغة فهو بالضم اسم من الاغتسال وهو تمام غسل الجسد واسم للماء الذي يغتسل به أيضا، ومنه في حديث ميمونة فوضعت له غسلا كذا في المغرب. وقال النووي: إنه بفتح الغين وضمها لغتان والفتح أفصح وأشهر عند أهل اللغة، والضم هو الذي تستعمله الفقهاء أو أكثرهم. واصطلاحا هو المعنى الأول اللغوي وهو غسل البدن وقد تقدم تفسير الغسل بالفتح لغة وشرعا. وأما ركنه فهو إسالة الماء على جميع ما يمكن إسالته عليه من البدن من غير حرج مرة واحدة حتى لو بقيت لمعة لم يصبها الماء لم يجز الغسل وإن كانت يسيرة لقوله تعالى * (وإن كنتم جنبا فاطهروا) * (النساء: