البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٨٧
43) أمر الله سبحانه وتعالى بالأطهر بضم الهاء لأن أصله تطهر فأدغمت التاء في الطاء لقرب المخرج فجئ بحرف الوصل ليتوصل بها إلى النطق فصار اطهروا وبعض من لا خبرة له ولا دراية يقرأ بالأطهار وما ذاك إلا لحرمانه من العربية، كذا في غاية البيان. وهو تطهير جميع البدن واسم البدن يقع على الظاهر والباطن إلا أن ما يتعذر إيصال الماء إليه خارج عن قضية النص، وكذا ما يتعسر لأن المتعسر منفي كالمتعذر كداخل العينين فإن في غسلهما من الحرج ما لا يخفى فإن العين شحم لا تقبل الماء، وقد كف بصر من تكلف له من الصحابة كابن عمر وابن عباس ولهذا لا تغسل العين إذا اكتحل بكحل نجس، ولهذا وجبت المضمضة والاستنشاق في الغسل لأنه لا حرج في غسلهما فشملهما نص الكتاب من غير معارض كما شملهما قوله صلى الله عليه وسلم تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعر وانقوا البشرة رواه الترمذي من غير معارض. والبشرة ظاهر الجلد بخلافهما في الوضوء لأن الواجب فيه غسل الوجه ولا تقع المواجهة بداخلهما، وأما قوله صلى الله عليه وسلم عشر من الفطرة وذكر منها المضمضة والاستنشاق لا يعارضه إذ كونهما من الفطرة لا ينفي الوجوب لأنها الدين وهو أعم منه قال صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة والمراد أعلى الواجبات على ما هو أعلى الأقوال، وهو على هذا فلا حاجة إلى حمل المروي على حالة الحدث بدليل قوله صلى الله عليه وسلم إنهما فرضان في الجنابة سنتان في الوضوء كأنه يعني ما عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم جعل المضمضة والاستنشاق للجنب ثلاثا فريضة لكن انعقد الاجماع على خروج اثنين منها وهو ضعيف، كذا في فتح القدير. والمراد بأعلى الواجبات الاسلام لكن قال أبو نصر الدبوسي كما نقله عنه الحاوي الحصري: لا يصح أن
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست