وقيد بالبلوغ لأن قهقهة الصبي لا تنقض وضوءه لكن تبطل صلاته، كذا في كثير من الكتب. ونقل في السراج الوهاج الاجماع على عدم نقض وضوئه وفيه نظر، فقد ذكر في معراج الدراية أن في المسألة ثلاثة أقوال: الأول ما ذكرناه. الثاني عن نجم الأئمة البخاري عن سلمة بن شداد أنها تنقض الوضوء دون الصلاة. الثالث عن أبي القاسم أنها تبطلهما إلا أن يقال: لما كان القولان الأخيران ضعيفين كانا كالعدم. ووجه الأول أنها إنما أوجبت إعادة الوضوء عقوبة وزجرا والصبي ليس من أهلها والأثر ورد في صلاة كاملة فيقتصر عليها فلا تتعدى إلى صلاة الجنازة وسجدة التلاوة وصلاة الصبي وصلاة الباني بعد الوضوء على إحدى الروايتين، وصلاة النائم على أحد القولين، وهذا كله مذهبنا. وقالت الأئمة الثلاثة: لا تنقض أصلا قياسا على عدم نقضها خارج الصلاة، ولنا أن القياس ذلك لكن تركناه فيما إذا كانت القهقهة في ذات ركوع وسجود بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلا ومسندا: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس إذ دخل رجل فتردى في حفرة وكان في بصره ضرر فضحك كثير من القوم وهو في الصلاة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضحك أن يعيد الوضوء والصلاة.
وتمامه في فتح القدير: وما قيل بأنه لا يظن الضحك بالصحابة خلفه قهقهة، أجيب عنه بأنه كان يصلي خلفه الصحابيون والمنافقون والاعراب الجهال، فالضاحك لعله كان بعض الاحداث أو المنافقين أو بعض الاعراب لغلبة الجهل عليهم كما بال اعرابي في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وهو نظير قوله تعالى * (وتركوك قائما) * (الجمعة: 11) فإنه لم يتركه كبار الصحابة باللهو. قال في العناية: وهذا من باب حسن الظن بهم رضي الله عنهم وإلا فليس الضحك كبيرة وهم ليسوا من الصغائر بمعصومين ولا عن الكبائر على تقدير كونه كبيرة ا ه. والمنقول في الأصول أن الصحابة عدول فهم محفوظون من المعاصي. وقيد بالقهقهة لأن الضحك بفتح الضاد وكسر الحاء هذا أصله ويجوز إسكان الحاء مع فتح الضاد وكسرها فهي أربعة أوجه، كذا في شرح المهذب، وهو في اللغة أعم من القهقهة وهي من أفراده. وفي الاصطلاح ما كان مسموعا له فقط وحكمه أنه لا ينقض الوضوء بل يبطل الصلاة، وأما التبسم وهو ما لا صوت فيه أصلا بأن تبدو أسنانه فقط فحكمه أنه لا يبطلهما لأنه صلى الله عليه وسلم تبسم في الصلاة حين أتاه جبريل عليه السلام وأخبره أن من صلى عليك مرة صلى الله عليه بها عشرا كما في البدائع. وقال جابر بن عبد الله: ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبسم ولو في الصلاة كما في النهاية والعناية. وظاهر كلامهم أن التبسم في الصلاة غير مكروه ولذا قال في الاختيار: ولا حكم للتبسم: وقد رأيت في كلام بعضهم أنه لو أتى بحرفين من القهقهة انتقض وضوءه