صرح المفسرون بأن والدي سيدنا نوح كانا مؤمنين. ثم ظاهر ما في المنية أنه يجوز الدعاء بالمغفرة لجميع المؤمنين جميع ذنوبهم، وفد صرح القرافي بتحريمه لأن فيه تكذيبا للأحاديث الصحيحة المصرحة بأنه لا بد من تعذيب طائفة من المؤمنين بالنار وخروجهم منها شفاعة أو بغير شفاعة، ودخولهم النار إنما هو بذنوبهم. ولا يوجب الكفر كالدعاء للمشرك بها للفرق بين تكذيب الآحاد والقطعي، وأما قول الداعي اللهم اغفر لي ولجميع المسلمين فيجوز أن يريد بالمغفرة له المغفرة من جميع الذنوب، وأما لجميع المسلمين فإن أراد المغفرة من حيث الجملة ولم يشركهم فيما طلبه لنفسه فهو جائز، وإن أراد المغفرة لكل أحد من جميع ذنوبه فهو المحرم الذي ذكرناه. وتعقبه الكرماني شارح البخاري ورده في شرح منية المصلي وأطال الكلام، والحق أنه يكون عاصيا بالدعاء للكافر بالمغفرة غير عاص بالدعاء بالمغفرة لجميع المؤمنين لأن العلماء اختلفوا في جواز العفو عن المشرك عقلا، قيل بالجواز لأن الخلف في الوعيد كرم فيجوز من الله تعالى وإن كان المحققون على خلافه كما ذكره التفتازاني في شرح العقائد. وقد قال العلامة زين العرب في شرح المصابيح من بحث الايمان: ليس بحتم عندنا - أي أهل السنة - أن يدخل النار أحد من الأمة بل العفو عن الجميع مرجو لموجب قوله تعالى * (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) * (النساء: 48) وقوله تعالى * (إن الله يغفر الذنوب جميعا) *
(٥٧٧)