البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٥٧٥
وروي عن بعض المشايخ أنه قال: ولا يقول ارحم محمدا وأكثر المشايخ على أنه يقوله للتوارث ا ه‍. وقال السرخسي: لا بأس به لأن الأثر ورد به من طريق أبي هريرة وابن عباس، ولان أحدا وإن جل قدره لا يستغني عن رحمة الله تعالى، وصححه الشارح، ومحل الخلاف في الجواز وعدمه إنما هو فيما يقال مضموما إلى الصلاة والسلام كما أفاده شيخ الاسلام ابن حجر فلذا اتفقوا على أنه لا يقال ابتداء رحمه الله ومن العجيب ما وقع في فتاوى قاضيخان في آخر باب الوتر والتراويح حيث قال: وإذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت قالوا: لا يصلي في القعدة الأخيرة، وكذا لو صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في القعدة الأولى ساهيا لا يصلي في القعدة الأخيرة ا ه‍. وكان وجهه أن الصلاة عليه في الصلاة لا تتكرر فإذا أتى بها مرة ولو في غير موضعها لا تعاد لكن هذا في الثاني ممكن، وأما في القنوت فالصلاة آخره مشروعة كما سيأتي، فالحق خلافه وأعجب من هذا ما في المجتبى من أنه إذا شرع في التشهد ولم يتمه لا تصح صلاته عند محمد لأنه صار فرضا عليه بالشروع وإن كان ظاهر المذهب الصحة.
وعندي في صحته عن محمد بعد لأن يلزمه في كل واجب شرع فيه ولم يتمه كالفاتحة. وأطلق المصنف التشهد والصلاة فشمل المسبوق، ولا خلاف أنه في التشهد كغيره. وأما في الصلاة والدعاء فاختلفوا على أربعة أقوال، اختار ابن شجاع تكرار التشهد، وأبو بكر الرازي السكوت، وصحح قاضيخان في فتاواه أنه يترسل في التشهد حتى يفرغ منه عند سلام الإمام، وصحح صاحب المبسوط أنه يأتي بالصلاة والدعاء متابعة للإمام لأن المصلي لا يشتغل بالدعاء في خلال الصلاة لما فيه من تأخير الأركان، وهذا المعنى لا يوجد هنا لأنه لا يمكنه أن يقوم قبل سلام الإمام، وينبغي الافتاء بما في الفتاوى كما لا يخفى. وفي عمدة الفتاوى للصدر الشهيد:
الإمام إذا تكلم والمقتدي بعد لم يقرأ التشهد قرأ، وإن أحدث الإمام لم يقرأ لأن الكلام بمنزلة
(٥٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 570 571 572 573 574 575 576 577 578 579 580 ... » »»
الفهرست