البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٥٨٢
وما ذكره المشايخ مبني على عدمه فصار المدار في النية وعدمها حضورهن وعدمه حتى إذا كان من المقتدين خناثى أو صبيان نواهم أيضا. وفي غاية البيان: إن هذا شئ تركه جميع الناس لأنه قلما ينوي أحد شيئا وهذا حق لأنها صارت كالشريعة المنسوخة. وقوله ناويا القوم والحفظة يعم الإمام والمأموم. وقوله والإمام معطوف على القوم خاص بالمأموم يعني أن المأموم يزيد في نيته نية السلام على إمامه في التسليمة الأولى إذا كان الإمام عن يمينه، أو في الثانية إن كان عن يساره، أو في التسليمتين لو كان محاذيا له لأنه ذو حظ من الجانبين، وأشار إلى أن المنفرد ينوي الحفظة فقط لأنه ليس معه غيرهم فينوي بالأولى من على يمينه من الملائكة، وبالثانية من على يساره منهم، وعلى ما صححه في الخلاصة ينوي الحاضرين معه في المسجد أيضا، وعلى ما اختاره الحاكم ينوي جميع المؤمنين أيضا. ثم قدم المصنف القوم على الحفظة تبعا للجامع الصغير وفي الأصل على العكس، فاختلف المشايخ والتحقيق أنه ليس بينهما فرق فإن الواو لمطلق الجمع من غير ترتيب ولان النية عمل القلب وهي تنتظم الكل بلا ترتيب، واختاره الشارح تبعا لما في البدائع لكن قال فخر الاسلام في شرح الجامع الصغير: للبداءة أثر في الاهتمام ولذا قال أصحابنا في الوصايا بالنوافل: إنه يبدأ بما بدأ به الميت فدل ما ذكر هنا وهو آخر التصنيفين أن مؤمني البشر أفضل من الملائكة وهو مذهب أهل السنة والجماعة خلافا للمعتزلة، وذلك أن عندهم صاحب الكبيرة خارج من الايمان وقل ما يسلم مؤمن من الكبائر، وعندنا هو كامل الايمان، ثم هو مبتلي بالايمان بالغيب فكان أحق من الملائكة، ألا ترى أن الله جعل الملائكة منزلة خدم المؤمنين في الدنيا والآخرة اه‍. وما ذكره عن المعتزلة نسبه الشارح إلى الباقلاني من أئمتنا، وما اختاره فخر الاسلام من تفضيل الجملة على الجملة نسبه في المحيط إلى بعض أهل السنة ثم قال: والمختار عندنا أن خواص بني آدم وهم الأنبياء والمرسلون أفضل من جملة الملائكة، وعوام بني آدم من الأتقياء أفضل من عوام الملائكة، وخواص الملائكة أفضل من عوام بني آدم. ونص قاضيخان على أن هذا هو المذهب المرضي.
والمراد هنا بالأتقياء من اتقى الشرك لا من اتقاه مع المعاصي فإن ظاهره أن فسقه المؤمنين أفضل من عوام الملائكة، ويدل عليه ما في روضة العلماء للإمام أبي الحسن البخاري أن الأمة
(٥٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 577 578 579 580 581 582 583 584 585 586 587 ... » »»
الفهرست