البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٥٧٦
السلام والإمام إذا سلم والمقتدي لم يقرأ التشهد لأنه يجوز أن يبقى المقتدي في حرمة الصلاة بعد سلام الإمام ولا يجوز أن يبقى بعد حدث الإمام عمدا.
قوله: (ودعا بما يشبه ألفاظ القرآن والسنة لا كلام الناس) أي بالدعاء الموجود في القرآن ولم يرد حقيقة المشابهة إذ القرآن معجز لا يشابهه شئ، ولكن أطلقها لإرادته نفس الدعاء لا قراءة القرآن مثل * (ربنا لا تؤاخذنا) * (البقرة: 286) * (ربنا لا تزغ قلوبنا) * (آل عمران: 8) * (رب اغفر لي ولوالدي) * (نوح: 28) * (ربنا آتنا في الدنيا حسنة) * (البقرة:
201) إلى آخر كل من الآيات. وقوله والسنة يجوز نصبه عطفا على ألفاظ أي دعا بما يشبه ألفاظ السنة وهي الأدعية المأثورة، ومن أحسنها ما في صحيح مسلم: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال. ويجوز جره عطفا على القرآن أو ما أي دعا بما يشبه ألفاظ السنة أو دعا بالسنة وقد تقدم أن الدعاء آخرها سنة لحديث ابن مسعود ثم ليتخير أحدكم من الدعاء أعجبه إليه فيدعو به ولفظ مسلم ثم ليتخير من المسألة ما شاء وله حديث أيضا عند أحمد وإن كان في آخرها دعا يعني النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد بما شاء أن يدعو ثم يسلم. وعن أبي إمامة قال قيل: يا رسول الله أي الدعاء أسمع؟ قال: جوف الليل الأخير ودبر الصلوات المكتوبات. رواه الترمذي وحسنه.
والدبر يطلق على ما قبل الفراغ منها أي الوقت الذي يليه وقت الخروج منها، وقد يراد به وراءه وعقبه أي الوقت الذي يلي وقت الخروج، ولا يبعد أن يكون كل من الوقتين أوفق لاستماع الدعاء فيه وأولى باستحبابه. وأطلق في المدعو له ولم يخصه بنفسه لأن السنة أن لا يخص المصلي نفسه بالدعاء لقوله تعالى * (واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) * (محمد: 19) وللحديث من صلى صلاة لم يدع فيها للمؤمنين والمؤمنات فهي خداج. ثم ظاهر النصوص ومن جملتها التشهد في الصلاة استحباب تقديم نفسه في الدعاء كما ثبت في سنن أبي داود وغيره: كان صلى الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا بدعاء بدأ بنفسه وهو من آداب الدعاء. ولذا قال في منية المصلي: ويستغفر لنفسه ولوالديه إن كانا مؤمنين ولجميع المؤمنين والمؤمنات. وإنما قيد بإيمانهما لأنه لا يجوز الدعاء بالمغفرة للمشرك، ولقد بالغ القرافي المالكي كما نقله في شرح منية المصلي بأن قال: إن الدعاء بالمغفرة للكافر كفر لطلبة تكذيب الله تعالى فيما أخبر به، وقد
(٥٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 571 572 573 574 575 576 577 578 579 580 581 ... » »»
الفهرست