تجهر بصلاة الليل وتخافت بصلاة النهار فكان يخافت بعد ذلك في صلاة الظهر والعصر لأنهم كانوا مستعدين للايذاء في هذين الوقتين، ويجهر في المغرب لأنهم كانوا مشغولين بالاكل، وفي العشاء والفجر لكونهم رقودا. وفي الجمعة والعيدين لأنه أقامهما بالمدينة وما كان للكفار بها قوة. وهذا العذر وإن زال بغلبة المسلمين فالحكم باق لأن بقاءه يستغني عن بقاء السبب ولأنه أخلف عذرا آخر وهو كثرة اشتغال الناس في هاتين الصلاتين دون غيرهما اه. وقد انعقد الاجماع على الجهر فيما ذكر وقد قدمنا أن الجهر في هذه المواضع واجب على الإمام للمواظبة من النبي صلى الله عليه وسلم. وتخصيصه بالإمام مفهوم من قوله هنا وخير المنفرد فيما يجهر فأفاد أن الإمام ليس بمخير قالوا: ولا يجهد الإمام نفسه بالجهر. وفي السراج الوهاج: الإمام إذا جهر فوق حاجة الناس فقد أسار وأفاد أنه لا فرق في حق الإمام بين الأداء والقضاء لأن القضاء يحكي الأداء. والحق بالجمعة والعيدين التراويح والوتر في رمضان للتوارث المنقول، والمراد بغيرهما الثالثة من المغرب والاخريان من العشاء وجميع ركعات الظهر والعصر. وقد أفاد أن المتنفل بالنهار يجب عليه الاخفاء مطلقا والمتنفل بالليل مخير بين الجهر والاخفاء إن كان منفردا، أما إن كان إماما فالجهر واجب كما ذكره الشارح رحمه الله، وأن المنفرد ليس بمخير في الصلاة السرية بل يجب الاخفاء عليه وهو الصحيح لأن الإمام يجب عليه الاخفاء فالمنفرد أولى. وذكر عصام بن يوسف أن المنفرد مخير فيما يخافت فيه أيضا استدلالا بعدم وجوب سجود السهو عليه، وتعقبه الشارح بأن الإمام إنما وجب عليه سجود السهو لأن جنايته أعظم لأنه ارتكب الجهر والاسماع بخلاف المنفرد، وتعقبه في فتح القدير بأنا لا ننكر أن واجبا قد يكون آكد من واجب لكن لما لم ينط وجوب السهو إلا بترك الواجب لا بآكد الواجب ولا برتبة مخصوصة منه فحيث كانت المخافتة واجبة على المنفرد ينبغي أن يجب بتركها السجود.
وفي العناية: إن ظاهر الرواية أن المنفرد مخير فيما يخافت فيه أيضا وفيه تأمل. والظاهر من المذهب الوجوب. وفي قوله فيما يجهر دلالة على أن المنفرد مخير في الصلاة الجهرية إذا