بتقديم اليمنى على اليسرى، وذلك يفيد المواظبة لأنهم إنما يحكون وضوءه الذي هو عادته فيكون سنة وبمثله تثبت سنية الاستيعاب لأنهم كذلك حكوا المسح كذا في فتح القدير، لكن المواظبة لا تفيد السنية إلا إذا كانت على سبيل العبادة، وأما إذا كانت على سبيل العادة فتفيد الاستحباب والندب لا السنية كلبس الثوب والاكل باليمين، ومواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على التيامن كانت من قبيل الثاني فلا تفيد السنية كذا في شرح الوقاية. وكذا قال في السراج الوهاج: إن البداءة باليمنى فضيلة على الأصح. وقيدنا بقولنا في غسل الأعضاء تبعا لصدر الشريعة وغيره احترازا عن الممسوح فإنه لا يستحب تقديم اليمنى فيه كمسح الاذنين لأن مسحهما معا أسهل كالحدين وليس في أعضاء الوضوء عضوان لا يستحب تقديم الأيمن منهما إلا الاذنين، فإن كان الرجل اقطع لا يمكنه مسحهما معا فإنه يبتدئ باليمنى وبالخد الأيمن كذا في السراج الوهاج.
قوله (ومسح رقبته) يعني بظهر اليدين لعدم استعمال بلتهما وقد اختلف فيه، فقيل بدعة وقيل سنة وهو قول الفقيه أبي جعفر وبه أخذ كثير من العلماء كذا في شرح مسكين.
وفي الخلاصة: الصحيح أنه أدب وهو بمعنى المستحب كما قدمناه. وأما مسح الحلقوم فبدعة، واستدل في فتح القدير على استحباب مسح الرقبة أنه عليه السلام مسح ظاهر رقبته مع مسح الرأس فاندفع به قول من زعم أنه بدعة. وليس مراده حصر مستحبه فيما ذكر لأن له مستحبات كثيرة وعبر عنها بعضهم بمندوباته وقدمنا عدم الفرق بينهما. فالذي في فتح القدير أن المندوبات نيف وعشرون: ترك الاسراف، والتقتير، وكلام الناس، والاستعانة - وعن الوبري لا بأس بصب الخادم كان صلى الله عليه وسلم يصب الماء عليه - والتمسح بخرقة يمسح بها موضع الاستنجاء، ونزع خاتم عليه اسمه تعالى أو اسم نبيه حال الاستنجاء، وكون آنيته من