البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٥٣
إشكال على من استدل به على اشتراطها في العبادات كصاحب الهداية مع قولهم في الأصول إن حديث إنما الأعمال بالنيات من قبل ظني الثبوت والدلالة يفيد السنية والاستحباب، وسيأتي تمامه في محله إن شاء الله تعالى.
قوله (ومسح كل رأسه مرة) أي مرة مستوعبة لما روى الترمذي في جامعه أن عليا رضي الله تعالى عنه توضأ وغسل أعضاءه ثلاثا ومسح رأسه مرة وقال: هذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي الهداية: والذي يروى عنه من التثليث فمحمول عليه بماء واحد وهو مشروع على ما روى الحسن عن أبي حنيفة ا ه‍. ولان التكرار في الغسل لأجل المبالغة في التنظيف ولا يحصل ذلك بالمسح فلا يفيد التكرار فصار كمسح الخف والجبيرة والتيمم، وما قلناه أولى لأنه قياس الممسوح على الممسوح، وما قال الشافعي قياس الممسوح على المغسول.
وفي العناية: فإن قيل قد صار البلل مستعملا بالمرة الأولى فكيف يسن إمراره ثانيا وثالثا؟
أجيب بأنه يأخذ حكم الاستعمال لإقامة فرض آخر لإقامة السنة لأنها تبع للفرض، ألا ترى أن الاستيعاب يسن بماء واحد؟ وقال الزيلعي: تكلموا في كيفية المسح والأظهر أن يضع كفيه وأصابعه على مقدم رأسه ويمدهما إلى القفا على وجه يستوعب جميع الرأس ثم يمسح أذنيه بأصبعيه، ولا يكون الماء مستعملا بهذا لأن الاستيعاب بماء واحد لا يكون إلا بهذا الطريق. وما قاله بعضهم من أنه يجافي كفيه تحرزا عن الاستعمال لا يفيد لأنه لا بد من الوضع والمد، فإن كان مستعملا بالوضع الأول فكذا بالثاني فلا يفيد تأخيره ا ه‍.
قوله (وأذنيه بمائه) أي بماء الرأس. وفي المجتبى: يمسحهما بالسبابتين داخلهما وبالابهامين خارجهما وهو المختار كذا في المعراج. وعن الحلواني وشيخ الاسلام: يدخل الخنصر في أذنيه ويحركهما. واستدل المشايخ بالحديث الأذنان من الرأس يمسحان بما
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست