مع مخالفته للخارج منهما كما في الوافي لما أن السيلان مستفاد من الخروج كما قدمناه بخلاف ملء الفم، وقد تقدم الدليل لمذهبنا وهو مذهب العشرة المبشرين بالحجة ومن تابعهم.
واختلف في حد ملء الفم فصحح في المعراج وغيره أنه ما لا يمكن إمساكه إلا بكلفة، وصحح في الينابيع أنه مالا يقدر على إمساكه، ووجهه أن النجس حينئذ يخرج ظاهرا لأن هذا القئ ليس إلا من قعر المعدة، فالظاهر أنه مستصحب للنجس بخلاف القليل فإنه من أعلى المعدة فلا يستصحبه، ولان للفم بطونا معتبرا شرعا حتى لو ابتلع الصائم ريقه لا يفسد صومه كما لو انتقلت النجاسة من محل إلى آخر في الجوف وظهورا حتى لا يفسد الصوم بإدخال الماء فيه فراعينا الشبهين فلا ينقض القليل ملاحظة للبطون وينقض الكثير للآخر لخروج النجس ظاهرا. قوله (ولو مرة أو علقا أو طعاما أو ماء) بيان لعدم الفرق بين أنواع القئ. والعلق ما اشتدت حمرته وجمد أطلق في الطعام والماء. قال الحسن: إذا تناول طعاما أو ماء ثم قاء من ساعته لا ينقض لأنه طاهر حيث لم يستحل وإنما اتصل به قليل القئ فلا يكون حدثا فلا يكون نجسا، وكذا الصبي إذا ارتضع وقاء من ساعته وصححه في المعراج وغيره. ومحل الاختلاف ما إذا وصل إلى معدته ولم يستقر، أما لو قاء قبل الوصول إليها وهو في المرئ فإنه لا ينقض اتفاقا كما ذكره الزاهدي. وفي فتح القدير: لو قاء دودا كثيرا أو حية ملأت فاه لا ينقض لأن ما يتصل به قليل وهو غير ناقض ا ه. وقد يقال: ينبغي على قول من حكم بنجاسة الدود أن ينقض إذا ملا الفم.
قوله (لا بلغما) عطف على مرة أي لا ينقضه بلغم أطلقه فشمل ما إذا كان من الرأس أو من الجوف ملا الفم أو لا، مخلوطا بطعام أو لا، إلا إذا كان الطعام ملء الفم. وعند أبي يوسف ينقض المرتقى من الجوف أن ملا الفم كسائر أنواع القئ لأنه يتنجس في المعدة بالمجاورة بخلاف النازل من الرأس فإنها ليست محل النجاسة، ولهما أنه لزج صقيل لا يتداخله أجزاء النجاسة فصار كالبزاق، وما يتصل به من القئ قليل ولا يرد ما إذا وقع البلغم في النجاسة فإنه يحكم بنجاسته لأن كلامنا فيما إذا كان في الباطن، وأما إذا انفصل قلت ثخانته وازدادت رقته فقبلها، هكذا في كثير من الكتب وهو ظاهر في أن البلغم ليس