البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٦١
حكم اليقين فترجح الوجوب ا ه‍. لكن ينبغي ترجيحه فيها بالمعنى الأول، أما بالمعنى الثاني فلا، لأن الصحيح عدم النقض بالريح الخارجة من الفرج. وقوله في الهداية لاحتمال خروجه من الدبر يشير إلى المعنى الأول ولها حكمان آخران: الأول لو طلقت ثلاثا وتزوجت بآخر لا تحل للأول ما لم تحبل لاحتمال الوطئ في الدبر. الثاني يحرم على زوجها جماعها إلا أن يمكنه إتيانها في قبلها من غير تعد كذا في فتح القدير. وينبغي أن يختصا بها بالمعنى الأول، وأما بالمعنى الثاني فلا كما يفيده التعليل المذكور. وإن كان بذكره شق له رأسان إحداهما يخرج منه ماء يسيل في مجرى الذكر والأخرى في غيره، ففي الأول ينقض بالظهور وفي الثاني بالسيلان. وفي التوشيح: باسوري خرج من دبره فإن عالجه بيده أو بخرقة حتى أدخله تنتقض طهارته لأنه يلتزق بيده شئ من النجاسة إلا إن عطس فدخل بنفسه. وذكر الحلواني: إن تيقن خروج الدبر تنتقض طهارته بخروج النجاسة من الباطن إلى الظاهر ويخرج على هذا لو خرج بعض الدودة فدخلت ا ه‍. ثم الخروج في السبيلين يتحقق بالظهور فلو نزل البول إلى قصبة الذكر لا ينقض وإلى القلفة فيه خلاف والصحيح النقض، واستشكله الزيلعي هنا بأنهم قالوا: لا يجب على الجنب إيصال الماء إليه لأنه خلقه كقصبة الذكر. وأجاب عنه في الغسل بأن الصحيح وجوب الايصال على الجنب فلا إشكال، لكن في فتح القدير الصحيح المعتمد عدم وجوب الايصال في الغسل للحرج لا لأنه خلقة فلا يرد الاشكال، واستدلوا لكون الخارج من السبيلين ناقضا مطلقا بقوله تعالى * (أو جاء أحد منكم من الغائط) * (المائدة: 6) لأنه اسم للموضع المطمئن من الأرض يقصد للحاجة، فالمجئ منه يكون لازما لقضاء الحاجة فأطلق اللازم وهو المجئ منه وأريد الملزوم وهو الحدث كناية، كذا في غاية البيان والعناية.
وظاهر ما في فتح القدير أن اللازم خروج النجاسة والملزوم المجئ من الغائط، وإذا كان كناية عن اللازم فالحمل على أعم اللوازم أولى أخذا بالاحتياط في باب العبادات، فكان جميع ما يخرج من بدن الانسان من النجاسة ناقضا، معتادا كان أو غير معتاد، فكان حجة على مالك. وتعقبه في فتح القدير بأنه إنما يصح على إرادة أعم اللوازم للمجئ والخارج النجس
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»
الفهرست