البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٤٩٣
يصح ا ه‍. وفي الظهيرية: وينبغي للمقتدي أن لا يعين الإمام عند كثرة القوم ولا يعين الميت. وقيد بالمقتدي لأن الإمام لا يشترط في صحة اقتداء الرجال نية الإمامة لأنه منفرد في حق نفسه، ألا ترى أنه لو حلف أن لا يؤم أحدا فصلى ونوى أن لا يؤم أحدا فصلى خلفه جماعة لم يحنث لأن شرط الحنث أن يقصد الإمامة ولم يوجد، بخلاف ما لو حلف أن لا يؤم فلانا لرجل بعينه فصلى ونوى أن يؤم الناس فصلى ذلك الرجل مع الناس خلفه فإنه يحنث وإن لم يعلم به لأنه لما نوى الناس دخل فيه هذا الرجل. وأما في حق النساء فإنه لا يصح اقتداؤهن إذا لم ينو إمامتهن لأن في تصحيحه بلا نية إلزاما عليه بفساد صلاته إذا حاذته من غير التزام منه وهو منتف. وخالف في هذا العموم بعضهم فقالوا: يصح اقتداء النساء وإن لم ينو الإمام إمامتهن في صلاة الجمعة والعيدين، وصححه صاحب الخلاصة. والجمهور على اشتراطها في حقهن لما ذكرناه. وأما صلاة الجنازة فلا يشترط في صحة اقتدائها به فيها نية إمامتها بالاجماع. كذا في الخلاصة.
قوله: (وللجنازة ينوي الصلاة لله والدعاء للميت) لأنه الواجب عليه فيجب تعيينه وإخلاصه لله تعالى فلا ينوي الدعاء للميت فقط نظرا إلى أنها ليست بصلاة حقيقة فإن مطلق الدعاء لا يحتاج إلى نية. قوله: (واستقبال القبلة) يعني من شروطها استقبال القبلة عند القدرة، وهو استفعال من قبلت الماشية الوادي بمعنى قابلته، وليس السين فيه للطلب لأن طلب المقابلة ليس هو الشرط بل الشرط المقصود بالذات المقابلة فهو بمعنى فعل كاستمر واستقر. والقبلة في الأصل الحالة التي يقابل الشئ عليها غيره كالجلسة للحالة التي يجلس عليها، والآن قد صارت كالعلم للجهة التي تستقبل في الصلاة. وسميت بذلك لأن الناس يقابلونها في صلاتهم وتقابلهم، وهو شرط بالكتاب لقوله تعالى * (فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره) * (البقرة: 144) واختلف في المراد بالمسجد هنا، فقيل المسجد الكبير الذي فيه الكعبة لأن عين الكعبة يصعب استقبالها لصغرها، وقيل الحرم كله لأنه قد يطلق ويراد به الحرم كما في قوله * (من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) *
(٤٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 498 ... » »»
الفهرست