للمتقدم على الفعل، والقصد اسم للمقترن بالفعل، والنية اسم للمقترن بالفعل مع دخوله تحت العلم بالمنوي، وهذا لأن الفعل لا يوجد بدون الإرادة فإذا قام الرجل من قعوده لا بد وأن يكون مريدا للقيام وإن لم تعمل إرادته القيام، وقد يركع الرجل ويسجد ذاهلا عن معرفة إرادة الركوع والسجود. ويستحيل وجودهما بدون الإرادة بالكلية لأن الإرادة صنو القدرة وإنما المفقود العلم لا غير، ولذا قلنا للمكره إرادة. وإن كانت فاسدة بمقابلة إرادة المكره لكن قد تذكر النية مقام العزيمة كما في قولنا ونوى الصوم بالليل أي عزم عليه وأطال فيه فليراجع لاشتماله على فوائد كثيرة. ثم اعلم أن النية في غير التوضؤ بسؤر الحمار وبنبيذ التمر سنة مؤكدة على الصحيح وليست بشرط في كون الوضوء مفتاحا للصلاة. ووقتها عند غسل الوجه ومحلها القلب والتلفظ بها مستحب كذا في السراج الوهاج.
وأما النية في التوضؤ بسؤر الحمار أو بنبيذ التمر فشرط كذا في شرح الجمع والنقاية معزيين إلى الكفاية قيدنا بقولنا في كونه مفتاحا لأنها شرط في كونه سببا للثواب على الأصح، وقيل يثاب بغير نية، ثم استدل الشافعي على اشتراطها فيه بالحديث المشهور المتفق على صحته إنما الأعمال بالنية ووجهه أن المراد بالاعمال العبادات لأن كثيرا من الأعمال تعتبر شرعا بلا نية فيكون المراد إنما صحة العبادات بالنية والوضوء عبادة لأنها فعل ما يرضي الرب وهو كذلك فصار كالتيمم. ولنا على ما ذكره الأصوليون أن حقيقة هذا التركيب متروكة بدلالة محل الكلام لأن كلمة إنما للحصر وقد دخلت على المعرف بلام الاستغراق، وذلك يقتضي أن لا يوجد عمل بلا نية ولا يمكن حمله على العموم لأن كثيرا من الأعمال يوجد بلا نية فصار مجازا عن حكمه، فالتقدير حكم الأعمال بالنيات من إطلاق اسم السبب على المسبب، أو من حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه. والحكم نوعان مختلفان أحدهما أخروي وهو الثواب والاثم وهو بناء على صدق العزيمة وعدمه، والثاني دنيوي وهو الجواز والفساد وهو بناء على وجود الأركان والشرائط وعدمها، ولما اختلف الحكمان صار الاسم بعد كونه مجازا مشتركا. ويكفي في تصحيحه ما هو المتفق عليه وهو الحكم الأخروي ولا دليل على ما اختلف فيه فلا يصلح تقديره حجة علينا فاندفع بهذا التقرير ما أورده في الكشف وشرح المغني وشرح المنار من أن قولهم أن الحكم مشترك ولا عموم له ممنوع بل هذا في المشترك