البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٣٩
قوله: (كالتسمية) أي كما أن التسمية سنة في الابتداء مطلقا كذلك غسل اليدين سنة في الابتداء مطلقا أعني سواء كان الوضوء عن نوم أو غيره ولفظها المنقول عن السلف كما في النهاية أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الخبازية بسم الله العظيم والحمد لله على دين الاسلام. وعن الوبري يتعوذ ثم يبسمل. وذكر الزاهدي أنه إن جمع بين ما تقدم والبسملة فحسن. وفي المحيط: السنة مطلق الذكر كالحمد لله أو لا إله إلا الله. وما ذكره المصنف من أنها سنة مختار القدوري. وفي الهداية: الأصح أنها مستحبة. قيل وهو ظاهر الرواية. ويسمي قبل الاستنجاء وبعده هو الصحيح إلا مع الانكشاف وفي موضع النجاسة كذا في الخانية.
وقد استدل لوجوب التسمية بحديث أبي داود لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه وهو وإن ضعف ارتقى إلى الحسن بكثرة طرقه. وأجاب عنه الطحاوي في شرح الآثار بمعارضته لما في الصحيحين أنه عليه السلام لم يرد السلام حين سلم عليه رجل حتى أقبل على الجدار فتيمم ثم رد السلام، وما رواه أبو داود وغيره من حديث المهاجرين قنفد لما سلم على النبي عليه السلام وهو يتوضأ فلم يرد عليه، فلما فرغ قال: إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كنت على غير وضوء. فهذه تفيد عدم ذكره عليه السلام اسمه تعالى على غير طهارة، ومقتضاه انتفاؤه في أول الوضوء فيحمل الأول على نفي الفضيلة جمعا بين الأحاديث وتعقبه في معراج الدراية وشرح المجمع بأنه يلزم منه أن لا تكون التسمية أفضل في ابتداء الوضوء، وأن يكون وضوءه عليه السلام خاليا عن التسمية. ولا يجوز نسبة ترك الأفضل له عليه السلام وقد يدفع بأنه يجوز ترك الأفضل له تعليما للجواز كوضوئه مرة مرة تعليما لجوازه وهو واجب عليه وهو أعلى من المستحب، لكن يمكن الجمع بين الأحاديث بأن التسمية من لوازم إكماله فكان ذكرها من تمامه والذاكر لها قبل الوضوء مضطر إلى ذكرها لإقامة هذه السنة المكملة للفرض فخصت من عموم الذكر، ومطلق الذكر ليس من ضروريات الوضوء.
والمستحب أن لا يطلق اللسان به إلا على طهارة، ويدخل في التخصيص الأذكار المنقولة على
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست