البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٨٤
بالإباحة، وفي المحيط: ولو قرب من الماء وهو لا يعلم به ولم يكن بحضرته من يسأله عنه أجزأه التيمم لأن الجهل بقربه كبعده عنه، ولو كان بحضرته من يسأله فلم يسأله حتى تيمم وصلى ثم سأله فأخبر بماء قريب لم تجز صلاته لأنه قادر على استعماله بالسؤال كمن نزل بالعمران ولم يطلب الماء لم يجز تيممه، وإن سأله في الابتداء فلم يخبره ثم أخبره بماء قريب جازت صلاته لأنه فعل ما عليه اه‍.
قوله (وإن لم يعطه إلا بثمن مثله وله ثمنه لا يتيمم وإلا تيمم) وهذه المسألة على ثلاثة أوجه: إما أن أعطاه بمثل قيمته في أقرب موضع من المواضع الذي يعز فيه الماء أو بالغبن اليسير أو بالغبن الفاحش ففي الوجه الأول والثاني لا يجزئه التيمم لتحقق القدرة فإن القدرة على البدل قدرة على الماء كالقدرة على ثمن الرقبة في الكفارة تمنع الصوم، وفي الوجه الثالث يجوز له التيمم لوجود الضرر فإن حرمة مال المسلم كحرمة نفسه والضرر في النفس مسقط فكذا في المال. كذا في العناية. ونظيره الثوب النجس إذا لم يكن عنده ماء فإنه يصلي فيه ولا يلزمه قطع الثوب من موضع النجاسة، والمراد بالثمن الفاضل عن حاجته على ما قدمناه.
واختلفوا في تفسير الغبن الفاحش، ففي النوادر هو ضعف القيمة في ذلك المكان، وفي رواية الحسن إذا قدر أن يشتري ما يساوي درهما بدرهم ونصف لا يتيمم، وقيل ما لا يدخل تحت تقويم المقومين، وقيل ما لا يتغابن في مثله لأن الضرر مسقط. واقتصر في البدائع والنهاية على ما في النوادر فكان هو الأول، وقد قدمنا أنه إذا كان له مال غائب وأمكنه الشراء بثمن مؤجل وجب عليه الشراء بخلاف ما إذا وجد من يقرضه فإنه لا يجب عليه لأن الاجل لازم ولا مطالبة قبل حلوله بخلاف القرض قيد بالماء لأن العاري إذا قدر على شراء الثوب.
قوله (ولو أكثره مجروحا تيمم وبعكسه يغسل) أي لو كان أكثر أعضاء الوضوء منه
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»
الفهرست