البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٣٥
الوجه أن يقول ما لم يساوه لما علمته في مسألة الفساقي وقد قدمنا حكم عرقه. وأما لبنها فاختار في الهداية أنه طاهر ولا يؤكل وصححه في منية المصلي، وبه اندفع ما في النهاية أنه لم يرجحه أحد، وعن البزدوي أنه يعتبر فيه الكثير الفاحش، وصححه التمرتاشي، وصحح بعضهم أنه نجس نجاسة غليظة. وفي المحيط: إنه نجس في ظاهر الرواية ومقتضى القول بطهارته القول بحل أكله وشربه يدل عليه ما في المبسوط: قيل لمحمد لم قلت بطهارة بول ما يؤكل لحمه ولم تقل بطهارة روثه؟ قال: لما قلت بطهارة بوله أبحت شربه، ولو قلت بطهارة روثه لأبحت أكله وأحد لا يقول بها اه‍. فإن ظاهره أن الطهارة والحل متلازمان يلزم من القول بأحدهما القول بالآخر. ومن المشايخ من قال بنجاسة سؤر الحمار دون الأتان لأن الحمار ينجس فمه بشم البول، وفي البدائع: وهذا غير سديد لأنه أمر موهوم لا يغلب وجوده فلا يؤثر في إزالة الثابت، وقال قاضيخان: والأصح أنه لا فرق بينهما، ولما ثبت الحكم في الحمار ثبت في البغل لأنه من نسله فيكون بمنزلته. قال الزيلعي: هذا إذا كانت أمه أتانا فظاهر لأن الام هي المعتبرة في الحكم، وإن كانت فرسا ففيه إشكال لما ذكرنا أن العبرة للام ألا ترى أن الذئب لونزا على شاة فولدت ذئبا حل أكله ويجزئ في الأضحية، فكان ينبغي أن يكون مأكولا عندهما وطاهرا عند أبي حنيفة اعتبار اللام. وفي الغاية: إذا نزا الحمار على الرمكة لا يكره لحم البغل المتولد منهما عند محمد، فعلى هذا لا يصير سؤره مشكوكا اه‍.
والرمكة هي الفرس وهي البرذونة تتخذ للنسل. كذا في المغرب. ويمكن الجواب عن الاشكال بأن البغل لما كان متولدا من الحمار والفرس فصار سؤره كسؤر فرس اختلط بسؤر الحمار فصار مشكوكا. ذكره في معراج الدراية وغيره، وذكر مسكين في شرح الكتاب سؤالا فقال: فإن قلت أين ذهب قولك الولد يتبع الام في الحل والحرمة قلت: ذلك إذا لم يغلب شبهه بالأب أما إذا غلب شبهه فلا أه‍. وبهذا سقط أيضا إشكال الزيلعي كما لا يخفى. وقال جمال الدين الرازي شارح الكتاب: البغال أربعة: بغل يؤكل بالاجماع وهو المتولد من حمار وحشي وبقرة، وبغل لا يؤكل بالاجماع وهو المتولد من أتان أهلي وفحل، وبغل يؤكل عندهما وهو المتولد من المتولد من فحل وأتان حمار وحشي، وبغل ينبغي أن يؤكل عندهما وهو المتولد من رمكة وحمار أهلي أه‍. وفي النوازل: لا يحل شرب ما شرب منه الحمار. وقال ابن
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»
الفهرست