البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٣٢
يؤمن من أن يكون على منقارها قذر فيكره كما لو كانت مخلاة، وإنما المراد أن تحبس في بيت لتسمن للاكل فيكون رأسها وعلفها وماؤها خارج البيت فلا يمكنها أن تجول في عذرات نفسها. كذا في معراج الدراية، واختار الثاني صاحب الهداية وغيره، وفي فتح القدير:
والحق أنها لا تأكله بل تلاحظ الحب بينه فتلقطه.
وأما سؤر سباع الطير كالصقر والبازي فالقياس نجاسته لنجاسة لحمها لحرمة أكله كسباع البهائم، ووجه الاستحسان أن حرمة لحمها وإن اقتضت النجاسة لكنها تشرب بمنقارها وهو عظم جاف طاهر لكنها تأكل الميتات والجيف غالبا فأشبه الدجاجة المخلاة فأورث الكراهة بخلاف سباع البهائم فإنها تشرب بلسانها وهو رطب بلعابها المتولد من لحمها وهو نجس فافترقا، ولان في سباع الطير ضرورة وبلوى فإنها تنقض من الهواء فتشرب ولا يمكن صون الأواني عنها خصوصا في البراري وعن أبي يوسف أن الكراهة لتوهم النجاسة في منقارها لا لوصول لعابها إلى الماء حتى لو كانت محبوسة يعلم صاحبها أنه لا قذر في منقارها لا يكره التوضؤ بسؤرها، واستحسن المشايخ المتأخرون هذه الرواية وأفتوا بها. كذا في النهاية. وفي التنجيس: يجوز أن يفتى بها. وأما سؤر سواكن البيوت كالحية والفأرة فلان حرمة اللحم أوجبت النجاسة لكنها سقطت النجاسة بعلة الطواف وبقيت الكراهة، والعلة المذكورة في الحديث في الهرة موجودة بعينها في سواكن البيوت وهي الطواف فيثبت ذلك الحكم المترتب عليها وهو سقوط النجاسة وتثبت الكراهة لتوهمها. فرع: تكره الصلاة مع حمل ما سؤره مكروه كالهرة كذا في التوشيح. نكتة: قيل: ست تورث النسيان: سؤر الفأرة وإلقاء القملة وهي حية والبول في الماء الراكد وقطع القطار ومضغ العلك وأكل التفاح.
ومنهم من ذكره حديثا لكن قال أبو الفرج بن الجوزي: إنه حديث موضوع.
قوله (والحمار والبغل مشكوك) أي سؤرهما مشكوك فيه. هذه عبارة أكثر مشايخنا، وأبو طاهر الدباس أنكر أن يكون شئ من أحكام الله تعالى مشكوكا فيه. وقال: سؤر الحمار طاهر لو غمس فيه الثوب جازت الصلاة معه إلا أنه محتاط فيه فأمر بالجمع بينه وبين التيمم ومنع منه حالة القدرة، والمشايخ قالوا: المراد بالشك التوقف لتعارض الأدلة لا أن يعني بكونه مشكوكا الجهل بحكم الشرع لأن حكمه معلوم وهو وجوب الاستعمال وانتفاء النجاسة وضم التيمم إليه والقول بالتوقف عند تعار ض الأدلة دليل العلم وغاية الورع وبيان التعارض على ما في المبسوط تعارض الاخبار في أكل لحمه فإنه روي أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن أكل لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر. وروى غالب بن أبجر قال: لم يبق لي
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»
الفهرست