البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٢٤
متولد من لحم طاهر فأخذ حكمه. ويستثنى منه الإبل الجلالة والبقرة الجلالة والدجاجة والمخلاة كما سيأتي. والجلالة التي تأكل الجلة بالفتح وهي في الأصل البعرة، وقد يكنى بها عن العذرة وهي هنا من هذا القبيل كما أشار إليه في المغرب. ويلحق بما يؤكل ما ليس له نفس سائلة مما يعيش في الماء وغيره كذا في التبيين.
قوله (والكلب والخنزير وسباع البهائم نجس) أي سؤر هذه الأشياء نجس. والمراد بسباع البهائم نحو الأسد والفهد والنمر. قال الزيلعي رحمه الله: قوله والكلب إلى آخره بالرفع أجود على أنه حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وذلك جائز بالاتفاق إذا كان الكلام مشعرا بحذفه وقد وجد هنا ما يشعر بحذفه وهو تقدم ذكر السؤر، ولو جر على أنه معطوف على ما قبله من المجرور لا يجوز عند سيبويه لأنه يلزم منه العطف على عاملين وهو ممتنع عند البصريين، ويجوز عند الفراء. ولو قيل إنه مجرور على أنه حذف المضاف وترك المضاف إليه على إعرابه كان جائزا إلا أنه قليل نحو قولهم ما كل سوداء تمرة ولا كل بيضاء شحمة. ويشترط أن يتقدم في اللفظ ذكر المضاف أه‍. وقد أطال رحمه الله الكلام مع عدم التحرير لأن قوله لأنه يلزم منه العطف على عاملين مجاز وإنما يلزم منه العطف على معمولي عاملين لأن الكلب معطوف على الآدمي وهو معمول للمضاف أعني سؤر، ونجس معطوف على طاهر وهو معمول المبتدأ أعني سؤر، فكان فيه العط ف على معمولين وهما الآدمي وطاهر لعاملين وهما المضاف والمبتدأ. هذا إذا كان المضاف عاملا في المضاف إليه، أما إذا كان العامل هو الإضافة فلا إشكال أنه من باب العطف على معمولي عاملين مختلفين. قال في المغني:
وقولهم على عاملين فيه تجوز. قال الشمني: يعني بحذف المضاف. قال الرضي: معنى قولهم العطف على عاملين أن تعطف بحرف واحد معمولين مختلفين كانا في الاعراب كالمنصوب والمرفوع أو متفقين كالمنصوبين على معمولي عاملين مختلفين نحو إن زيدا ضرب عمرا وبكرا خالدا فهو عطف متفقي الاعراب على معمولي عاملين مختلفين. وقولك إن زيدا ضرب غلامه وبكرا أخوه عطف مختلفي الاعراب ولا يعطف المعمولان على عاملين بل على معموليهما فهذا القول منهم على حذف المضاف أه‍. وفي المغني: الحق جوازا العطف على معمولي عاملين في نحو في الدار زيد والحجرة عمرو أه‍. أما سؤر الكلب فهو طاهر عند مالك ومن تبعه ولكن يغسل الاناء منه سبعا تعبدا. وقال الشافعي: إنه نجس ويغسل الاناء منه سبعا إحداهن بالتراب. لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال يغسل الاناء إذا
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»
الفهرست