البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٢٢٣
وفي الخلاصة والتجنيس: رجل شرب الخمر إن تردد في فيه من البزاق بحيث لو كان ذلك الخمر على ثوب طهرها البزاق طهر فمه أه‍. وهذا هو الصحيح من مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف ويسقط اعتبار الصب عند أبي يوسف للضرورة، ونظيره لو أصاب عضو نجاسة فلحسها حتى لم يبق أثرها، أو قاء الصغير على ثدي أمه ثم مصه حتى زال الأثر طهر خلافا لمحمد في جميعها بناء على عدم جواز إزالة النجاسة بغير الماء المطلق كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وفي بعض شروح القدوري: فإن كان شارب الشارب طويلا ينجس الماء وإن شرب بعد ساعات لأن الشعر الطويل لما تنجس لا يطهر باللسان اه‍. وكأنه لأنه لا يتمكن اللسان من استيعابه بإصابة بله إياه بريقه ثم أخذ ما عليه من البلة النجسة مرة بعد أخرى وإلا فهو ليس دون الشفتين والفم في تطهيره بالريق تفريعا على قول أبي حنيفة وأبي يوسف في جواز التطهير من النجاسة بغير الماء. كذا في شرح منية المصلي. فإن قيل:
ينبغي أن يتنجس سؤر الجنب على القول بنجاسة المستعمل لسقوط الفرض به قلنا: ما يلاقي الماء من فمه مشروب، سلمنا أنه ليس بمشروب لكن لحاجة فلا يستعمل به كإدخال يده في الحب إخراج كوزه على ما قدمناه في المياه، وقد نقلوا روايتين في رفع الحدث بهذا الشرب، وظاهر كلامهم ترجيح أنه رافع فلا يصير الماء مستعملا للحرج لكن صرح يعقوب باشا بأن الصحيح أن الفرض لا يسقط به. ويدل على طهارة سؤر الآدمي مطلقا ما رواه مالك من طريق الزهري عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بلبن قد شيب بماء وعن يمينه أعرابي وعن يساره أبو بكر فشرب ثم أعطى الاعرابي وقال: الأيمن فالأيمن.
وروى مسلم وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أشرب وأنا حائض فأناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع في. ولما أنزل النبي صلى الله عليه وسلم بعض المشركين في المسجد ومكنه من المبيت فيه على ما في الصحيحين علم أن المراد بقوله تعالى * (إنما المشركون نجس) * (التوبة: 28 النجاسة في اعتقادهم وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي حذيفة فمد يده ليصافحه فقبض يده وقال: إني جنب. فقال عليه السلام: المؤمن ليس بنجس. ذكره البغوي في المصابيح. وأما سؤر الفرس ففيه روايتان عن أبي حنيفة، فظاهر الرواية عنه طهوريته من غير كراهة وهو قولهما لأن كراهة لحمه عنده لاحترامه لأنه آلة الجهاد لا لنجاسته فلا يؤثر في كراهة سؤره وهو الصحيح. كذا في البدائع وغيره. وأما سؤر ما يؤكل لحمه فلانه
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»
الفهرست