- بالتاء فوق - عن عبد الرحمن أنه انطلق هو وناس إلى عبد الله بن عكيم قال: فدخلوا ووقفت على الباب فخرجوا إلي فأخبروني أن عبد الله بن عكيم أخبرهم أنه عليه السلام كتب إلى جهينة الحديث. ففي هذا أنه سمع من الداخلين وهم مجهولون، وأما في المتن ففي رواية بشهر، وفي أخرى بأربعين يوما، وفي أخرى بثلاثة أيام، هذا مع الاختلاف في صحبة ابن عكيم. ثم كيف كان لا يوازي حديث ابن عباس الصحيح في جهة من جهات الترجيح؟ ثم لو كان لم يكن قطعيا في معارضته لأن الإهاب اسم لغير المدبوغ وبعده يسمى شنا وأديما وما رواه الطبراني في الأوسط من لفظ هذا الحديث هكذا كنت رخصت لكم في جلود الميتة فلا تنتفعوا من الميتة بجلد ولا عصب في سنده فضالة بن مفضل مضعف. والحق أن حديث ابن عكيم ظاهر في النسخ لولا الاضطراب المذكور فإن من المعلوم أن أحدا لا ينتفع بجلد الميتة قبل الدباغ لأنه حينئذ مستقذر فلا يتعلق النهي به ظاهرا. كذا في فتح القدير وفيه كلام من وجوه: الأول أنه ذكر أن الترمذي حسنه وقد قدمناه أيضا والحسن لا اضطراب فيه.
الثاني أن قوله مع الاختلاف في صحبة ابن عكيم لا يقدح في حجيته لأنه على تقدير كونه ليس صحابيا يكون الحديث مرسلا وأنتم تعملون به. الثالث أن قوله الحق أن حديث ابن عكيم ظاهر في النسخ الخ أخذا من قول الحازمي كما نقله الزيلعي المخرج عنه أنه قال:
وطريق الانصاف أن حديث بن عكيم ظاهر الدلالة في النسخ ولكنه كثير الاضطراب غير مسلم لأن أخبارنا مطلقة فيجوز أن يكون بعضها قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بدون المدة المذكورة في حديث ابن عكيم على الاختلاف فيها، وبهذا صرح النووي في شرح المهذب. ويمكن الجواب عن الأول بما ذكره النووي أن الترمذي إنما حسنه بناء على اجتهاده وقد بين هو وغيره وجه ضعفه، وعن الثاني بأن هذا أعني كونه مرسلا صالح لأن يجاب به على مذهب من يرى العمل بالمرسل لا أنه جواب عن حديث ابن عكيم على مقتضى مذهبنا. وأما الجواب عن احتجاج مالك فهو مخالف للنصوص الصحيحة التي قدمناها فإنها عامة في طهارة الظاهر والباطن، وأصرح من ذلك ما رواه البخاري من حديث سودة قالت: ماتت لنا شاة فدبغنا مسكها وهو جلدها فما زلنا ننتبذ فيه حتى صار شنا وهو حديث صحيح فإنه استعمل في مائع وهم لا يجيزونه وإن كانوا يجيزون شرب الماء منه لأن الماء لا يتنجس عندهم إلا بالتغير.
وأما الجواب عن احتجاج الشافعي، إن قلنا بأن الكلب ليس بنجس العين وأن جلده يطهر بالدباغ فهو عموم الأحاديث الصحيحة المتقدمة فإنه يدخل في عمومها الكلب لأن أي في الحديث نكرة وصفت بصفة عامة فتعم كما عرف في الأصول، وأما الخنزير فإنما خرج عن العموم لعارض ذكرناه، ولقد أنصف النووي حيث قال في شرح المهذب: واحتج أصحابنا بأحاديث لا دلالة فيها فتركتها لأني التزمت في خطبة الكتاب الاعراض عن الدلائل