الحسن ا ه. فإذا علمت هذا فاعلم أن الجلد لا يطهر بالدباغ على القول بنجاسته ويطهر به على القول بطهارته، وإذا وقع في بئر واستخرج حيا تنجس الماء كله مطلقا على القول بنجاسته كما لو وقع الخنزير، وعلى القول بطهارته لا يتنجس إلا إذا وصل فمه الماء وإذا ذكي لا يطهر جلده ولا لحمه على القول بالنجاسة كالخنزير، ويطهر على القول بالطهارة. وإذا صلى وهو حامل جروا صغيرا لا تصح صلاته على القول بنجاسته مطلقا وتصح على القول بطهارته. وإما مطلقا أو بكونه مشدود الفم كما قدمناه عن البدائع. وتقييده بكونه جروا صغيرا يظهر أن في الكبير لا تصح مطلقا لما أنه وإن لم يكن نجس العين فهو متنجس لأن مأواه النجاسات. وقد يقال ينبغي أن لا تصح صلاة من حمل جروا صغيرا اتفاقا، أما على القول بنجاسة عينه فظاهر، وأما على القول بطهارة عينه فلان لحمة نجس بدليل أنهم اتفقوا على أن سؤره نجس لما أنه مختلط بلعابه ولعابه متولد من لحمه وهو نجس ولهذا قال في التنجيس: نجاسة السؤر دليل نجاسة اللحم.
وقال العلامة في فتح القدير: نجاسة سؤره لا تستلزم نجاسة عينه بل تستلزم نجاسة لحمه المتولد منه اللعاب ا ه. وسبب نجاسة لحمه اختلاط الدم المسفوح بأجزائه حالة الحياة مع حرمة أكله كما سنوضحه في بيان الأسئار إن شاء الله تعالى.
وبهذا التقرير يندفع ما قد يتوهم إشكالا وهو أن يقال كيف يكون سؤره نجسا على القول بطهارة عينه؟ فإن هذه غفلة عظيمة عن فهم كلامهم فإن قولهم بطهارة عينه لا يستلزم طهارة كل جزء منه، ولهذا علل في البدائع لنجاسة سؤر الكلب وسائر السباع بأن سؤر هذه الحيوانات متحلب من لحومها ولحومها نجسة وقد قالوا: إن حرمة الشئ إذا لم تكن للكرامة كحرمة الآدمي ولا لفساد الغذاء كالذباب والتراب، ولا للخبث طبعا كالضفدع والسلحفاة، ولا للمجاورة كالماء النجس، كانت علامة النجاسة أي نجاسة اللحم فثبت بهذا أنه لا خلاف في نجاسة لحمه عندنا، وإنما الخلاف في نجاسة عينه، فظهر بهذا أن الكلب طاهر العين بمعنى طهارة عظمه وشعره وعصبه وما لا يؤكل منه لا بمعنى طهارة لحمه، لكن قد أجاب في المحيط قال: وإن كان فمه مشدودا بحيث لا يصل لعابه إلى ثوبه جاز لأن ظاهر كل حيوان طاهر ولا يتنجس إلا بالموت ونجاسة باطنه في معدنه فلا يظهر حكمها كنجاسة باطن المصلي. وفي شرح منية المصلي: لا يخفى أن هذا على القول بطهارة عينه، وأما على القول بأنه نجس العين فلا لظهور أن الصلاة لا تصح لحامله مطلقا كما في حق حامل الخنزير. وإذا دخل الماء فانتقض فأصاب ثوب إنسان أفسده ولو أصابه ماء المطر لم يفسد لأن في الوجه الأول الماء أصاب الجلد وجلده نجس، وفي الوجه الثاني أصاب شعره وشعره طاهر. كذا ذكر الولوالجي وغيره. ولا يخفى أن هذا على القول بنجاسة عينه يستفاد منه أن الشعر طاهر