البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ١٩٢
لكن ما ذكره في السن مسلم، أما الاذن فقد قال في البدائع: ما أبين من الحي من الاجزاء إن كان المبان جزءا فيه دم كاليد والاذن والأنف ونحوها فهو نجس بالاجماع، وإن لم يكن فيه دم كالشعر والصوف والظفر فهو طاهر عندنا خلافا للشافعي ا ه‍. لكن في فتاوى قاضيخان والخلاصة: ولو قلع إنسان سنه أو قطع أذنه ثم أعادهما إلى مكانهما أو صلى وسنه أو أذنه في كمه تجوز صلاته في ظاهر الرواية ا ه‍. فهذا يقوي ما في التجنيس. وفي السراج الوهاج: وإن قطعت أذنه قال أبو يوسف: لا بأس بأن يعيدها إلى مكانها، وعندهما لا يجوز ا ه‍. وبما ذكرناه عن الفتاوى يندفع ما ذكر في بعض الحواشي أنه لو صلى وهو حامل سن غيره أو حامل سن نفسه ولم يضعها في مكانها تفسد صلاته اتفاقا كما لا يخفى، وكذا ذكر في المعراج أنه لو صلى وهو حامل سن غيره لا يجوز بالاتفاق وفيه من النظر ما علمت. وفي الخلاصة وفتاوى قاضيخان والتجنيس والمحيط: جلد الانسان إذا وقع في الماء أو قشره إن كان قليلا مثل ما يتناثر من شقوق الرجل ونحوه لا يفسد الماء، وإن كان كثيرا يعني قدر الظفر يفسد والظفر لا يفسد الماء ا ه‍. وعلل له في التجنيس بأن الجلد والقشر من جملة لحم الآدمي والظفر عصب وهذا كله مذهبنا. وقال الشافعي: الكل نجس إلا شعر الآدمي لقوله تعالى * (حرمت عليكم الميتة) * (المائدة: 3) وهو عام للشعر وغيره. ولنا أن المعهود فيها حالة الحياة الطهارة وإنما يؤثر الموت النجاسة فيما يحله ولا تحلها الحياة فلا يحلها الموت، وإذا لم يحلها وجب الحكم ببقاء الوصف الشرعي المعهود لعدم المزيل. وفي السنة أيضا ما يدل عليه وهو قوله عليه السلام في شاة مولاة ميمونة حين مر بها ميتة إنما حرم أكلها في الصحيحين. وفي لفظ إنما حرم عليكم لحمها ورخص لكم في مسكها. وفي الباب حديث الدارقطني إنما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الميتة لحمها فأما الجلد والشعر والصوف فلا بأس وهو وإن أعله بتضعيف عبد الجبار بن مسلم فقد ذكره ابن حبان في الثقاة فهو لا ينزل عن درجة الحسن، وأخرجه الدارقطني من طريق أخرى وضعفها، ومن طريق أخرى بمعناه ضعيفة. وأخرج البيهقي أنه عليه السلام كان يتمشط بمشط من عاج وضعفه، فهذه عدة أحاديث لو كانت ضعيفة حسن المتن فكيف ومنها ما لا ينزل عن الحسن وله الشاهد الأول؟
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست