الضب وتركه فقيل: أحرام هو؟ قال: لا ولكني أعافه، وأما الطهارة مرة ثانية فليس فيه استقذار فتركه يدل على امتناعه. وأما الجواب عن احتجاجهم فيعلم مما قدمناه في أول بحث المياه من أن الطهور ليس هو المطهر لغيره فضلا عن التكرار، وبما ذكرناه اندفع ما ذكره صدر الشريعة بقوله ونحن نقول لو كان طاهرا لجاز في السفر الوضوء به ثم الشرب ولم يقل أحد بذلك ا ه. لما علمت أن عدم شربه للاستقذار مع طهارته لا لعدمها.
قوله: (ومسألة البئر جحط) أي ضابط حكم مسألة البئر جحط وصورتها: جنب انغمس في البئر للدلو أو للتبرد ولا نجاسة على بدنه، فعند أبي حنيفة الرجل والماء نجسان، وعند أبي يوسف الرجل جنب على حاله والماء مطهر على حاله، وعند محمد الرجل طاهر والماء طاهر طهور، فالجيم من النجس علامة نجاستهما، والحاء من الحال أي كلاهما بحاله، والطاء من الطاهر، فرتب حروفه على ترتيب الأئمة. فالحرف الأول للإمام الأعظم، والثاني للثاني، والثالث للثالث، وجه قول أبي حنيفة أن الفرض قد سقط عن بعض الأعضاء بأول الملاقاة لأن النية ليست بشرط لسقوط الفرض فإذا سقط الفرض صار الماء مستعملا عنده فيتنجس الماء، والرجل باق على جنابته لبقاء الحدث في بقية الأعضاء، وقيل عنده نجاسة الرجل بنجاسة الماء المستعمل، وصحح في شروح الهداية أنه نجس بالجنابة عنده. وفائدة الخلاف تظهر في تلاوة القرآن ودخول المسجد إذا تمضمض واستنشق. وفي فتاوى قاضيخان أن الأظهر أنه يخرج من الجنابة ثم يتنجس بالماء النجس حتى لو تمضمض واستنشق حل له قراءة القرآن ا ه. ووجه قول أبي يوسف أن الصب شرط لاسقاط الفرض عنده في غير الماء الجاري وما هو في حكمه ولم يوجد فكان الرجل جنبا بحاله فإذا لم يسقط الفرض ولم يوجد رفع الحدث ولا نية القربة لا يصير الماء مستعملا فكان بحاله. ووجه قول محمد على ما هو الصحيح عنه أن الصب ليس بشرط عنده فكان الرجل طاهرا ولا يصير الماء مستعملا وإن أزيل به حدث للضرورة، وإما على ما خرجه أبو بكر الرازي فإنه لا يصير الماء مستعملا عنده