الخبائث) * والنجس منها. وفي البدائع: ويكره التوضؤ في المسجد عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد: لا بأس به لأنه عنده طاهر، وأما أبو يوسف فلانه يقول بنجاسته، وكذا ما روي عن أبي حنيفة. وأما على رواية الطهارة عنه فلانه مستقذر طبعا فيجب تنزيه المسجد عنه كما يجب تنزيهه عن المخاط والبلغم ا ه. وفي فتاوى قاضيخان:
وإن توضأ في إناء في المسجد جاز عندهم. الرابع في حكمه قال قاضيخان في فتاواه: اتفق أصحابنا في الروايات الظاهرة أن الماء المستعمل في البدن لا يبقى طهورا ا ه. وقال في الهداية: إنه لا يزيل الاحداث. قال الشارحون: إن هذا حكمه وقالوا قيد بالاحداث لما أنه يزيل الأنجاس على ما روى محمد عن أبي حنيفة أن الماء المستعمل طاهر غير طهور لأن إزالة النجاسة الحقيقية تجوز بالمائعات عند أبي حنيفة، صرح به القوام الأتقاني والكاكي في المعراج وصاحب النهاية وغيرهم. هذا وإن كان الماء المستعمل طاهرا عند محمد لكن لا تجوز به إزالة النجاسة الحقيقية عنده لأن عنده لا يجوز إزالتها إلا بالماء المطلق، وقد قدمنا أن الماء المستعمل ليس بمطلق، وبهذا يندفع ما توهمه بعض الطلبة في عصرنا أن الماء المستعمل يزيل الأنجاس عند محمد لما أنه يقول بطهارته فهو حفظ شيئا وغابت عنه أشياء. واندفع أيضا ما توهمه بعض المشتغلين أن الماء المستعمل لا يزيل الأنجاس اتفاقا لما أنه عند أبي حنيفة وأبي يوسف نجس فلا يزيل، ومحمد وإن كان يقول بطهارته فعنده لا يزيل إلا الماء المطلق كما قدمناه لأنه حفظ رواية النجاسة عن أبي حنيفة ونسي رواية الطهارة عنه التي اختارها المحققون وأفتوا بها.
وذكر في المجتبى عن القدوري وشرح الارشاد وصلاة الجلالي أنه يجوز إزالة النجاسة بالماء المستعمل على الرواية الظاهرة، وما ذكرنا من حكمه عندنا فهو مذهب الشافعي وأحمد ورواية عن مالك. وذهب الزهري ومالك والأوزاعي في أشهر الروايتين عنهما وأبو ثور إلى أنه مطهر، واختاره ابن المنذر واحتجوا بقوله تعالى * (وأنزلنا من السماء ماء طهورا) * (الفرقان:
48) لأن الطهور ما يطهر غيره مرة بعد أخرى، ويحتج لأصحابنا ومن تبعهم أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم احتاجوا في مواطن من أسفارهم الكثيرة إلى الماء ولم يجمعوا المستعمل لاستعماله مرة أخرى. فإن قيل: تركوا الجمع لأنه لا يجتمع منه شئ فالجواب أن هذا لا يسلم وإن سلم في الوضوء لا يسلم في الغسل. فإن قيل: لا يلزم من عدم جمعه منع الطهارة به ولهذا لم يجمعوه للشرب والطبخ والعجن والتبرد ونحوها، فالجواب أن ترك جمعه للشرب ونحوه للاستقذار فإن النفوس تعافه للعادة وإن كان طاهرا كما استقذر النبي صلى الله عليه وسلم