البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ١٥٣
غيرها. فإذا بال إنسان فيه فتوضأ آخر من أسفله جاز ما لم يظهر في الجرية أثره. قال محمد في كتاب الأشربة: ولو كسرت خابية خمر في الفرات ورجل يتوضأ أسفل منه فما لم يجد في الماء طعم الخمر أو ريحه أو لونه يجوز الوضوء به، وكذا لو استقرت المرئية فيه بأن كانت جيفة إن ظهر أثر النجاسة لا يجوز وإلا جاز، سواء أخذت الجيفة الجرية أو نصفها إنما العبرة لظهور الأثر. ويوافقه ما في الينابيع. قال أبو يوسف في ساقية صغيرة فيها كلب ميت سد عرضها فيجري الماء فوقه وتحته إنه لا بأس بالوضوء أسفل منه إذا لم يتغير طعمه أو لونه أو ريحه. وقيل:
ينبغي أن يكون هذا قول أبي يوسف خاصة. أما عند أبي حنيفة ومحمد لا يجوز الوضوء أسفل من الكلب ا ه‍ ما في الينابيع. لكن المذكور في الفتاوى كفتاوى قاضيخان والتنجيس والولوالجي والخلاصة. وفي البدائع: وكثير من كتب أئمتنا الأثر إنما يعتبر في غير الجيفة، أما في الجيفة فإنه ينظر، إن كان كله أو أكثره يجري عليها لا يجوز الوضوء به، وإن كان الأقل يجوز الوضوء، وإن كان النصف القياس الجواز، والاستحسان أنه لا يجوز وهو الأحوط. ونظر هذا ماء المطر إذا جر في ميزاب من السطح وكان على السطح عذرة فالماء طاهر لأن الذي يجري على غير العذرة أكثر، وإن كانت العذرة عند الميزاب فإن كان الماء كله أو أكثره أو نصفه يلاقي العذرة فهو نجس، وإن كان أكثره لا يلاقي العذرة فهو طاهر، وكذا أيضا ماء المطر إذا جرى على عذرات واستنقع في موضع كان الجواب كذلك. ورجح في فتح القدير أن العبرة لظهور الأثر مطلقا لأن الحديث وهو قوله الماء طهور لا ينجسه شئ لما حمل على الجاري كان مقتضاه جواز التوضؤ من أسفله. وإن أخذت الجيفة أكثر الماء ولم يتغير فقولهم إذا أخذت الجيفة أكثر الماء أو نصفه لا يجوز يحتاج إلى مخصص قال: يوافقه ما عن أبي يوسف وقد نقلناه عن الينابيع.
وقال تلميذه العلامة قاسم في رسالته المختار اعتبار ما عن أبي يوسف ا ه‍. لكن لقائل أن يقول: الأوجه ما في أكثر الكتب وقد صححه في التنجيس لصاحب الهداية لأن العلماء رضي الله عنهم إنما قالوا بأن الماء الجاري إذا وقعت فيه نجاسة يجوز الوضوء به إذا لم ير أثرها
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست