البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ١٥٧
منه؟ فيه خلاف ذكره في المنية، وفي المجتبى: الأصح أنه إن كان يدخل الماء في الأنبوب والغرف متدارك فهو كالجاري وتفسير الغرف أن لا يسكن وجه الماء فيما بين الغرفتين. قال في فتح القدير: ثم لا بد من كون جريانه لمد دلة كما في العين والنهر هو المختار ا ه‍. وفي السراج الوهاج: ولا يشترط في الماء الجاري المدد وهو الصحيح ا ه‍. وفي التنجيس والمعراج وغيرهما: الماء الجاري إذا سد من فوق فتوضأ إنسان بما يجري في النهر وقد بقي جري الماء كان جائزا لأن هذا ماء جار ا ه‍. فهذا يشهد لما في السراج. وذكر السراج الهندي عن الإمام الزاهد أن من حفر نهرا من حوض صغير وأجرى الماء في النهر وتوضأ بذلك الماء في حال جريانه فاجتمع ذلك الماء في مكان واستقر فيه فحفر رجل آخر نهرا من ذلك المكان وأجرى الماء فيه وتوضأ به في حال جريانه فاجتمع ذلك الماء في مكان آخر أيضا ففعل رجل ثالث كذلك، جاز وضوء الكل لأن كل واحد منهم إنما توضأ بالماء حال جريانه والماء الجاري لا يحتمل النجاسة ما لم يتغير. وعن الحسن بن زياد ما يدل على عدم جواز وضوء الثاني والثالث فإنه قال في حفيرتين يخرج الماء من أحدهما ويدخل في الأخرى فتوضأ فيما بينهما جاز، والحفيرة التي يدخل فيها الماء تفسد، وإذا كان معه ميزاب واسع ومعه إداوة من ماء يحتاج إليه وهو على طمع من وجود الماء ولكن لا يتيقن ذلك ماذا يصنع، حكي عن الشيخ الزاهد أبي الحسن الرستغفني أنه كان يقول: يأمر أحد رفقائه أنه يصب الماء في طرف من الميزاب وهو يتوضأ فيه وعند الطرف الآخر من الميزاب إناء يجتمع فيه الماء فالمجتمع طاهر وطهور لأن استعماله حصل في حال جريانه والماء الجاري لا يصير مستعملا باستعماله. ومن المشايخ من أنكر هذا القول وقال: الماء الجاري إنما لا يصير مستعملا إذا كان له مدد كالعين والنهر، أما إذا لم يكن له مدد يصير مستعملا، والصحيح القول الأول بدليل مسألة واقعات الناطفي أن النهر إذا سد من فوق فتوضأ إنسان بما يجري فإنه يجوز فإن هناك لم يبق للماء مدد ومع هذا يجوز التوضؤ به. ا ه‍ ما ذكره السراج الهندي. واعلم أنه قد تقدم عن فتح القدير أن قولهم ما اجتمع في الحفيرة الثانية فاسد وكذا كثير من أشباه ذلك إنما هو بناء على نجاسة الماء المستعمل، فأما على المختار من طهارته فلا فلتحفظ ليفرع عليها ولا يفتي بمثل هذه الفروع.
فروع: في الخلاصة معزيا إلى الأصل: يتوضأ من الحوض الذي يخاف فيه قذرا ولا يتيقنه ولا يجب أن يسأل إلى الحاجة إليه عند عدم الدليل والأصل دليل يطلق الاستعمال.
وقال عمر رضي الله عنه حين سأل عمرو بن العاص صاحب الحوض أترده السباع يا
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست