مقدارها بالوزن وبأول كلامه صار مقدار الوزن معلوما فيكون آخر كلامه خاليا عن الفائدة ولو أوصى له بثوب سبع في أربع جعلت له ذلك كما قال لان للثوب طولا وعرضا فإنما مراده بهذا اللفظ فيه بيان الطول والعرض على أن يكون الأكثر لبيان طوله والأقل لبيان العرض وهذا لان اسم الثوب لا يتغير بزيادة الطول والعرض ونقصانهما وإنما يتغير الوصف فكان قوله سبعا في أربع بيانا لصفة ما أوصى له به من الثوب بخلاف الدراهم فبزيادة المقدار يتبدل الاسم لأنه لا يقال للمائة عشرة دراهم بحال وكذلك لا يقال لها عشر مرات عشرة في العادة فلم يبق الا إلغاء آخر الكلام فيه * ولو أوصى له بحنطة في جوالق أعطيته الحنطة دون الجوالق لأنه أوجب له مظروفا في ظرف فإنما يستحق المظروف خاصة وذكر الجوالق لتعيين محل الجوالق وهذا لان حرف في للظرف وإنما يقال أوصى له بكذا ولا يقال أوصى له في كذا فإنما يتناول الوصية بهذا اللفظ ما اتصل به حرف الباء وهو الحنطة دون ما اتصل به حرف في وهو الجوالق ولو أوصى له بهذا الجراب الهروي أعطيته الجراب وما فيه لأنه أوصل حرف الباء بالجراب والجراب الهروي اسم للجراب المملوء بيانا دون الجراب فارغا * ولو أوصى له بهذا الدن الخل أعطيته الدن وما فيه كأنه قال بهذا الدن والخل فيكون حرف الباء متصلا بهما جميعا معنى ولأنه وصل هذا الحرف بالدين وسمى الدين الخل وإنما يسمى به حقيقة إذا كان مملوءا خلا * وكذلك لو أوصى له بقوصرة تمر ولو أوصى له بسيف أعطيته السيف بجفنه وحمائله لان اسم السيف عند الاطلاق يتناول الكل ولو أوصى له بسرج أعطيته السرج وما حمل من متاعه ولو أوصى له بقبة أعطيته عيدان القبة من غير كسوة لان الاسم للعيدان (ألا ترى) أن في العادة لا يكون مع القبة كسوة ولكن كل مالك يتخذ كسوة القبة لنفسه على حسب ما يريده بخلاف السرج والسيف ولو أوصى بقبة تركية أعطيته القبة بالكنود لان الاسم يطلق على الكل عادة (ألا ترى) أنه لا يتخذ كل مالك للعيدان الا كنودا آخر عادة وان أوصى له بحجلة فله الكسوة دون العود لان اسم الحجلة يتناول الكسوة بدون العيدان والعيدان بدون الكسوة لها اسم آخر وهي القبة فلهذا لا يستحق باسم القبة الكسوة ولا باسم الحجلة العيدان * ولو أوصى له بسلة زعفران أعطيته الزعفران دون السلة وكان ينبغي على قياس ما تقدم أن يستحق السلة لأنه وصل حرف الباء بالسلة ولكنه ترك القياس لعرف الناس فإنهم إذا قالوا سلة زعفران فإنما يريدون به بيان مقدرا الزعفران لا حقيقة السلة كما يقال كيل حنطة
(٨٥)