الرعايا فلم يبق له ولاية النظر في حقوق هذا الصبي وإنما الحجر عليه إلى القاضي الذي يستقضى بعد موت الأول أو عزله لان ولايته عليه في النظر كولاية الأول ولا يقال الثاني بالحجر كيف ينقض قضاء الأول وهذا لان الأول لو حجر عليه حال كونه قاضيا بعد حجره لا بطريق أنه نقض لقضائه بالاذن بل بطريق أنه أنشأ نظرا له على ما بينا أن النظر قد يكون بالاذن له في وقت والحجر عليه في وقت آخر والثاني كالأول فيما يرجع إلى انشاء النظر للصبي كما في سائر التصرفات في ماله وإذا أذن الرجل لعبد ابنه الصغير في التجارة ثم مات الابن ووارثه الأب فهذا حجر عليه لان صحة اذنه كان باعتبار انه نائب عن الابن وقد زال ملك الا بن بموته ولا يقال الأب يخلفه في هذا الملك وهو راض بتصرفه لأنه إنما كان راضيا بتصرفه في ملك الصبي وذلك لا يكون رضا منه بتصرفه في ملك نفسه وكذلك لو اشتراه الأب من الابن فهو محجور عليه لان الملك قد انتقل فيه من الابن إلى الأب ولو لم يكن ذلك ولكن أدرك الصبي أو كان معتوها فأفاق فالعبد على اذنه لان تصرف الأب نفذ في حال قيام ولايته فلا يبطل بزوال ولايته كسائر التصرفات ثم فك الحجر عنه بالاذن كفك الحجر عنه بالكتابة ولو كاتبه ثم أدرك الصبي لم تبطل الكتابة وان مات الأب بعد إدارك الصبي وإفاقة المعتوه كان العبد على اذنه لان بعد ادراكه العبد مأذون من جهته فان الأب كان نائبا عنه فهذا وما لو أذن له بعد البلوغ ابتداء سواء ثم هو بعد الاذن يتمكن من الحجر عليه فاستدامته الاذن مع تمكنه من الحجر كانشائه ولا تتغير ولايته عليه بموت الأب وإذا ارتد الأب بعد ما أذن لا بنه الصغير في التجارة ثم حجر عليه ثم أسلم فحجره جائز لان حجره عليه تصرف كسائر تصرفاته فينفذ باسلامه وان قتل على ردته فذلك حجر أيضا بمنزله ما لو مات وابنه صغير ولو أذن لابنه في التجارة بعد ردته فباع واشترى ولحقه دين ثم حجر عليه ثم أسلم فجميع ما صنع الابن من ذلك جائز وان قتل ذلك على ردته أو مات كان جميع ما صنع الابن من باطل وهذا عندهم جميعا لان اذنه له في التجارة تصرف بحكم ولايته عليه وولايته عليه توقفت بالردة على أن يتقرر بالاسلام ويبطل بالنقل وكذلك تصرفه بحكم الولاية وهذا على مذهبهما بخلاف تصرفه بحكم ملكه فان ملكه لم يزل عنه بردته فلا يمتنع نفوذ تصرفه باعتبار الملك والذمي في اذنه لابنه الصغير أو المعتوه في التجارة وهو على ذميته بمنزلة المسلم في جميع ما ذكرنا لثبوت ولايته عليه قال الله تعالى والذين كفروا بعضهم أولياء بعض ولو كان الولد مسلما باسلام أمه
(٤١)