معنى الشدة يجمع الكل وجه ظاهر الرواية ان العسل والذرة والشعير حلان التناول متغيرا كان أو غير متغير فكذلك ما يتخذ منها من الأشربة لان هذا في معنى الطعام والتغير في الطعام لا يؤثر في الحرمة فكذلك نفس الشدة لا توجب الحرمة فقد يوجد ذلك في بعض الأدوية كالبنج وفي بعض الأشربة كاللبن والحديث فيه شاذ والشاذ فيما تعم به البلوي لا يكون مقبولا وهو محمول على التحريم الذي كان قبل الرخصة لتحقق المبالغة في الزجر ولا حد على شارب ما يتخذ من العسل والحنطة والشعير والذرة وكذلك ما يتخذ من الفانيد والتوت والكمثرى وغير ذلك أسكر أو لم يسكر لان النص ورد بالحد في الخمر وهذا ليس في معناه فلو أوجبنا فيه الحد كان بطريق القياس ثم الحد مشروع للزجر عن ارتكاب سببه ودعاء الطبع إلى هذه الأشربة لا يكون كدعاء الطبع إلى المتخذ من الزبيب والعنب والتمر فلا يشرع فيه الزجر أيضا وان اشتد عصير العنب وغلا وقذف بالزبد ثم طبخ بعد ذلك لم يحل بالطبخ لان الطبخ لاقى عينا حراما فلا يفيد الحل فيه كطبخ لحم الخنزير وهذا لأنه ليس للنار تأثيره في الحل ولا في تغيير طبع الجوهر بخلاف العصير الحلوا إذا طبخ فالطبخ هناك حصل في عين حلال وللطبخ تأثير في منع ثبوت صفة الحرمة فيه كما بينا أن الخمر هي التي من ماء العنب إذا اشتد فإذا طبخ العصير ثم اشتد ما كان نيأ فلا يكون خمرا فاما الأول فحين اشتد كان نيأ وصار خمرا ثم الطبخ في الخمر لا يوجب تبديل عينه ولهذا يحد من شرب منه قليلا كان أو كثيرا ولا بأس بنبيذ الفضيخ يعنى إذا صب عليه الماء ثم طبخ وترك حتى اشتد فهذا لا بأس به لان الطبخ لاقى عينا حلالا ولأنه ان رق فرقته باعتبار ما فيه من اجزاء الماء والماء حلال الشرب وحده والفضيخ كذلك فكذلك بعد الجمع بينهما قلت فهل يرخص في شئ من المطبوخ على النصف أو أقل من ذلك وهو حلو قال لا أرخص في شئ من ذلك الا ما قد ذهب ثلثاه وبقي ثلثه قيل هذا غلط والصحيح هو غير حلو فالحلو حلال وإن كان نيأ كيف لا يحل بعد الطبخ وقيل المراد به انه طبخ وهو حلو لم يتغير حين ذهب منه النصف أو أقل ثم ترك حتى اشتد فهذا هو المنصف والقاذف وقد بينا الكلام فيهما في حكم الشراء والبيع وإذا وقعت قطرة من خمر أو مسكر أو نقيع زبيب قد اشتد في قدح من ماء أمرت بإراقته وكرهت شربه والتوضؤ به لأنه تنجس بما وقع فيه والتوضؤ بالماء النجس لا يجوز وإذا شربه فلا بد أن يكون شاربا للقطرة الواقعة فيه وذلك حرام ولأنه اجتمع فيه المعني الموجب للحل
(١٨)