يحل كثيره لأنه عين منتفع به بطريق حلال شرعا قلت فالخمر يطرح فيها السمك والملح فيصنع مربى قال لا بأس بذلك إذا تحولت عن حال الخمر وأصل المسألة أن تحليل الخمر بالعلاج جائز عندنا ويحل تناول الخل بعد التخليل وعند الشافعي التخليل حرام بالقاء شئ في الخمر من ملح أو خل ولا يحل ذلك الخل قولا واحدا والتخليل من غير القاء شئ فيه بالنقل من الظل إلى الشمس أو ايقاد النار بالقرب منه لا يحل عنده أيضا ولكن إذا تخلل فله قولان في إباحة تناول ذلك الخل واحتج في ذلك بما روى أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن تخليل الخمر وفى رواية نهى أن تتخذ الخمر خلا وفى حديث أبي طلحة رضي الله عنه إن كان في حجره خمور ليتامى فلما نزل تحريم الخمر قال ماذا أصنع بها يا رسول الله قال عليه الصلاة والسلام أرقها قال أفلا أخللها قال عليه الصلاة والسلام لا فقد أمره بالإراقة ولو كان التخلل جائزا لأرشده إلى ذلك لما فيه من الاصلاح في حق اليتامى فلما سأله عن التخلل نهاه عن ذلك فلو كان جائزا لكان الأولى أن يرخص فيه في خمور اليتامى وإذا ثبت بهذه الاخبار ان التخليل حرام فالفعل المحرم شرعا لا يكون مؤثرا في الحل كذبح الشاة في غير مذبحها ولان الخمر عين محرم الانتفاع بها من كل وجه والتخليل تصرف فيها على قصد التمول فيكون حراما كالبيع والشراء وكما لو القى في الخمر شيئا حلوا كالسكر والفانيد حتى صار حلوا وهذا لان نجاسة العين توجب الاجتناب وفى التخليل اقتراب منه وذلك ضد المأمور به نصا في قوله عز وجل فاجتنبوه بخلاف الخمر للإراقة فإنه مبالغة في الاجتناب عنه ثم ما يلقى في الخمر نجس بملاقاة الخمر إياه وما يكون نجسا في نفسه لا يفيد الطهارة في غيره وعلى هذا الحرف تفصيل بين ما إذا ألقي فيه شئ وبين ما إذا لم يجعل فيه شئ وهذا بخلاف ما إذا تخلل بنفسه لأنه لم يوجد هناك تنجيس شئ بالقائه فيه ولا مباشرة فعل حرام في الخمر فهو نظير الصيد إذا خرج من الحرم بنفسه حل اصطياده ولو أخرجه انسان لم يحل ووجب رده إلى الحرم ومن قتل مورثه يحرم عن الميراث بمباشرته فعلا حراما بخلاف ما إذا مات بنفسه وحقيقة المعني فيه أن من طبع الخمر ان يتخلل بمضي الزمان فإذا تخللت فقد تحولت بطبعها وصارت في حكم شئ آخر فأما التخليل فليس بتقليب للعين لأنه ليس للعباد تقليب الطباع وإنما الذي إليهم احداث المجاورة بين الأشياء فيكون هذا تنجيسا لما يلقى في الخمر لا تقليبا لطبع الخمر وهو نظير الشاب يصير شيخا بمضي الزمان وبتكليفه لا يصير شيخا فإذا لم يتبدل طبعه
(٢٢)