المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ٢٥
حرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها وأكلوا ثمنها وان الذي حرم الشرب حرم بيعها وأكل ثمنها وممن لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر بائعها ومشتريها فان صنع الخمر في مرقه ثم طبخ لم يحل أكله ولا يحل هذا الصنع لان فيه استعمال الخمر كاستعمال الخل وقد بينا ان هذا منهى عنه ثم الطبخ في الخمر لا يحلها ولا يغير الحكم الثابت فيها كما لو طبخها لا في مرقه ولكن لا يحد من شرب تلك المرقة لان الغالب عليه غير الخمر وقد بينا ان المعتبر هو الغالب في حكم الحد ولان وجوب الحد بشرب الخمر والمرقة تؤكل مع الطعام والأكل غير الشرب ولهذا لا نوجب الحد في الدردي لأنه إلى الأكل أقرب منه إلى الشرب ويكره الاحتقان بالخمر والأقطار منها في الإحليل ولا حد في ذلك أما الاستشفاء بعين الخمر فقد بينا انه لا يحل عندنا والشافعي يجوز ذلك إذا أخبره عدلان ان شفاءه في ذلك ولا حد عليه لشبهة اختلاف العلماء رحمهم في الله في إباحة هذا الفعل ولحاجته إلى التداوي ثم ما يقطر في إحليله لا يصل إلى جوفه ولهذا لا يفطره عند أبي حنفية ومحمد رحمها الله والحقنة وان كانت مفطرة فالحد لا يلزمه فيما يصل إلى جوفه من أسافل البدن لان الحد للزجر والطبع لا يميل إلى ذلك والتمر يطبخ ويطبخ معه الكشوثا فنبذ فلا بأس به لان ما يطبخ معه يزيد في شدته وقد بينا ان الشدة لا توجب الحرمة في المطبوخ من التمر ولو عجن الدقيق بالخمر ثم خبز كرهت أكله لان الدقيق تنجس بالخمر والعجين النجس لا يطهر بالخبز فلا يحل أكله ولو صب الخمر في حنطة لم يؤكل حتى تغسل لأنها تنجست بالخمر فان غسل الحنطة وطحنها ولم يوجد فيها طعم الخمر ولا ريحها فلا بأس بأكلها لأن النجاسة كانت على ظاهرها وقد زالت بالغسل بحيث لم يبق شئ من آثارها فهو وما لو تنجست ببول أو دم سواء فان تشربت الخمر في الحنطة فقد ذكر في النوادر عن أبي يوسف تغسل ثلاث مرات وتجفف في كل مرة فتطهر وعند محمد رحمه الله لا تطهر بحال لان الغسل إنما يزيل ما على طاهرها فاما ما تشرب فيها فلا يستخرج الا بالعصر والعصر في الحنطة لا يتأتى وهو إلى القياس أقرب وما قاله أبو يوسف أرفق بالناس لأجل البلوى والضرورة في جنس هذا فان هذا الخلاف في فصول منها التروي إذا تشرب البول فيه واللوح والآجر والخزف الجديد والنعل في الحمام وما أشبه ذلك فان للتجفيف أثرا في استخراج ما تشرب منه فيقام التجفيف في كل مرة مقام العصر فيما يتأتى فيه العصر فيحكم بطهارته ويكره أن يسقى الدواب الخمر لأنه نوع انتفاع بالخمر واقتراب
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156