المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ١٤٥
تصدق به فإن كانت قيمته أقل من قيمة الرقاب ومن أدنى الكسوة التي تجزئ لم يضمن المكره شيئا لتيقننا بوجوب هذا المقدار من المال عليه في التكفير فيكون المكره مكتسبا سبب اسقاط الواجب عنه وإن كان أكثر قيمة من غيرها ضمنه الذي أكرهه لأنه لا يغبن في وجوب هذا المقدار عليه ولا هذا النوع بل هو مخير شرعا بين الأنواع الثلاثة ويخرج عن الكفارة باختياره أقلها فيكون المكره متلفا عليه هذا النوع بغير حق فيضمنه له ولا يجزئه عن الكفارة وان قدر على الذي أخذه منه كان له أن يسترده لأنه كان مكرها على التسليم إليه وتمليكه إياه مع الاكراه فاسد فيتمكن من استرداده وإن كان أكرهه بالحبس لم يضمن المكره شيئا لان الفعل لا يصير منسوبا إليه بهذا الاكراه ولكنه يرجع به على الذي أخذ منه لأنه ما كان راضيا بالتسليم إليه والتمليك مع الاكراه بالحبس فان أمضاه له بعد ذلك بغير اكراه أجزأه إن كان قائما وإن كان مستهلكا لم يجزه لأنه إذا كان قائما في يده فامضاؤه بمنزلة ابتداء التصدق عليه وإن كان مستهلكا فهو دين عليه والتصدق بالدين على من هو عليه لا يجزئ عن الكفارة وكذلك هذا في كفارة الظهار وقد قال بعض مشايخنا رحمهم الله انه إذا أكرهه في كفارة الظهار على عتق عبد بعينه وذلك أدنى ما يجزئ في الكفارة لا يكون على المكره فيه ضمان ويجزيه عن الكفارة لأنا تيقنا ان ذلك القدر واجب عليه فالتكفير بالعتق عين في الظهار والأصح أن ذلك لا يجزيه وعلى المكره قيمته لأنه وإن لم يكن ظالما له في القدر فهو ظالم له في العين إذ ليس عليه اعتاق هذا بعينه وللناس في الاعتاق أغراض فيلزم المكره الضمان بهذا الطريق وإذا لزمه الضمان لم يجزه عن الكفارة قال وكذلك كل شئ وجب لله تعالى عليه من بدنة أو هدى أو صدقة أو حج فأكره على أن يمضيه ففعل ولم يأمره المكره بشئ بعينه فلا ضمان على المكره ويجزي عن الرجل ما أمضاه ولان المكره محتسب حين لم يزد على أمره باسقاط الواجب والوفاء بما التزمه وقد قال الله تعالى وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم فان أوجب شيئا بعينه على نفسه صدقة في المساكين فأكره بحبس أو قيد على أن يتصدق بذلك جاز ما صنع منه ولم يرجع على المكره بشئ لان الوفاء بما التزمه مستحق عليه شرعا كما التزمه فإذا التزم التصدق بالعين كان عليه الوفاء به في ذلك العين والمكره ما زاد في أمره على ذلك فلا يرجع عليه بشئ وكذلك الأضحية وصدقة الفطر لو أكره عليهما رجل حتى فعلهما أجزأه ولم يرجع على المكره بشئ لان ذلك واجب عليه شرعا وهذا الجواب في الأضحية بناء على ظاهر الرواية انها واجبة ومقصوده
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156