المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ١٤٢
لما كان يتخلص بدون الضرب كان هو في الاقدام على الضرب طائعا ومن قتل عبد نفسه طائعا لم يجب الضمان له على غيره ولو أكره بوعيد قتل على أن يقتل عبده هذا أو يقتل العبد الذي أكرهه أو يقتل ابنه أو قال أقتل عبدك هذا الآخر أو أقتل أباك لم يسعه أن يقتل عبده الذي أكرهه على قتله لان الاكراه لم يتحقق هنا فالمكره من يخاف التلف على نفسه وهنا إنما هدده بقتل من سماه دون نفسه فلا يكون هو ملجأ به إلى الاقدام على القتل فان قتل عند ذلك فلا شئ على المكره سوى الأدب لأنه لم يصر آلة للمكره حين لم يتحقق الالجاء (ألا ترى) انه لو قيل له لتقتلن ابنك أو لتقتلن هذا الرجل وهو لا يخاف منه سوى ذلك لم يسعه أن يقتل الرجل وان قتله قتل به وكذلك لو أكرهوه على أن يستهلك مال هذا الرجل أو يقتلون أباه فاستهلكه ضمنه ولم يرجع به على المكره لأنه لم يصر ملجأ إلى هذا الفعل حتى لم يصر خائفا على نفسه ولان قتل أبيه أو ابنه يلحق الهم والحزن به بمنزلة الحبس والقيد في نفسه ولو أكره بالحبس على القتل أو استهلاك المال اقتصر حكم الفعل عليه كذلك ههنا الا انه لا يأثم في ذلك الاستهلاك لأنه يجعل مال الغير وقاية لنفس ابنه وكما يجوز له أن يجعل مال الغير وقاية لنفسه يجوز له أن يجعل مال الغير وقاية لنفس ابنه أو لنفس أجنبي آخر (ألا ترى) أن المضطر الذي يخاف الهلاك إذا عجز عن اخذ طعام الغير وهناك من يقوى على أخذ ذلك منه وسعه أن يأخذه فيدفعه إلى المضطر فيأكله ويكون ضامنا لما يأخذه وهذا لان فعله من باب الأمر بالمعروف فإنه يحقق على صاحب الطعام شرعا دفع الهلاك عن المضطر فإذا امتنع من ذلك كان فعل الغير به ذلك من نوع الأمر بالمعروف فيسعه ذلك فكذلك في الاستهلاك للمال ولو لم يستهلكه حتى قتل الرجل أباه لم يكن عليه اثم إن شاء الله لأنه كان يلزمه غرمه إذا استهلكه فيكون له أن يمتنع من ذلك كما يكون للقوى في فصل المضطر أن يمتنع من أخذ الطعام ودفعه إلى المضطر (ألا ترى) أن حرمة أبيه في حقه لا تكون أعظم من حرمة نفسه وفى حق نفسه يسعه أن يمتنع من الاستهلاك حتى يقتل ففي حق أبيه أولى ألا أن يكون شيئا يسيرا فلا أحب له أن يترك استهلاكه ثم يغرم لصاحبه لأنه يحق عليه احياء أبيه بالغرم اليسير يعنى بالانفاق عليه فكذلك في فصل الاكراه إذا كان شيئا يسيرا لا يستحب له أن يمتنع من التزام غرمه ويدع أباه يقتل وكذلك في الناس التحرز عن التزام القليل لاحياء أبيه يعد من العقوق والعقوق
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156