المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ١١١
ألف درهم والمعني في الكل واحد وهو إنما رضى بشرط أن يسلم له العوض والزيادة فإذا لم يسلم لم يكن راضيا به ولو أكرهه بوعيد تلف أو حبس على أن يبيع عبده من هذا بألف درهم ولم يأمره بالدفع فباعه ودفعه لم يكن على الذي أكرهه شئ وينبغي أن يجوز البيع إذا كان هو الدافع بغير اكراه بمنزلة ما لو دفعه بعد ما افترقا من موضع الاكراه وقد بينا فيما تقدم أن الاكراه على البيع لا يكون اكراها على التسليم بخلاف الهبة (ألا ترى) لو أن لصا قال له لأقتلنك أو لتبيعنه عبدك هذا فانى قد حلفت لتبيعنه إياه فباعه خرج المكره من يمينه وهذا إشارة إلى الجواب عن اشكال يقال في هذه المسألة ان قصد المكره الاضرار وذلك أنما يكون تمامه بالاخراج من يده لان زوال الملك في بيع المكره لا يكون الا به كما في الهبة فتبين أنه قد يكون للمكره مقصود في نفس البيع ولكن هذا الذي أشار إليه يتأتى في الهبة أيضا والمعتمد هو الفرق الذي تقدم بيانه ولو أكرهه بوعيد تلف على أن يهبه له فوهبه ودفعه فقال قد وهبته لك فخذه فاخذه الموهوب له فهلك عنده كان للمكره ان شاء ضمن المكره القيمة لان اكراهه على الهبة أكراه على التسليم وان شاء ضمن القابض لان قبضه على سبيل التملك لنفسه بغير رضاه (ألا ترى) أن رجلا لو أمر رجلا ان يهب جاريته هذه لفلان فأخذها المأمور فوهبها ودفعها إلى الموهوب له جاز ذلك فلما جعل التوكيل بالهبة توكيلا بالتسليم كان المقصود بالهبة لا يحصل الا بالتسليم فكذلك الاكراه على الهبة يكون اكراها على التسليم ثم بين في الأصل ما يوضح هذا الفرق وهو ان ايجاب الهبة للموهوب له يكون اذنا في القبض إذا كان بمحضر منهما وايجاب البيع لا يكون اذنا في القبض وإن كان المبيع حاضرا حتى لو قبضه بغير أمر البائع كان للبائع أن يأخذه منه حتى يعطيه الثمن والبيع الفاسد بمنزلة الهبة في هذا الحكم وكان الطحاوي رحمه الله يقول في البيع الصحيح أيضا للمشترى أن يقبضه بمحضر منهما ما لم ينهه البائع عن ذلك وقال ايجاب البيع الصحيح أقوى من ايجاب البيع الفاسد ولكن ما ذكره محمد في الكتاب أصح لان القبض في البيع الفاسد والهبة نظير القبول في البيع الصحيح من حيث إن الملك يحصل به فاما قبض المشترى في البيع الصحيح فيكون مسقطا حق البائع في الحبس وايجاب البيع لا يكون اسقاطا لحقه في الحبس فلا بد من الامر بالقبض ليسقط به حقه ولو أكرهه على أن يبيعه منه بيعا فاسدا فباعه بيعا جائزا جاز البيع لأنه أتى بغير ما أمره به فالبيع الفاسد لا يزيل الملك بنفسه والبيع الجائز يزيل الملك بنفسه وكذلك الممتنع
(١١١)
مفاتيح البحث: البيع (14)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156