المبسوط - السرخسي - ج ٢٤ - الصفحة ١٠٦
الصلاة والسلام أوف لهم بعهدهم ونحن نستعين بالله عليهم وقد بينا ان اليمين بمنزلة الطلاق والعتاق في أن الهزل والجد فيه سواء وهذا لان فيه منع نفسه عن شئ وايجاب شئ على نفسه لحق الله تعالى فيكون في معنى الطلاق والعتاق الذي يتضمن تحريم الفرج حقا لله تعالى فيستوي فيه الكره والطوع والنذر بمنزلة اليمين في هذا المعنى وقال عليه الصلاة والسلام النذر يمين ولا ضمان على المكره في شئ من ذلك لان التزامه لا يصير منسوبا إلى المكره وإنما ينسب إليه التلف الحاصل به ولا يتلف عليه شئ بهذا الالتزام ثم المكره إنما ألزمه شيئا يؤثر الوفاء به فيما بينه وبين ربه من غير أن يجبر عليه في الحكم فلو ضمن له شيئا كان يجبر على ايفاء ما ضمن في الحكم فيؤدى إلى أن يلزمه أكثر مما يلزم المكره وهذا لا يجوز ولو كان اكراهه على أن يظاهر من امرأته كان مظاهرا لان الظهار من أسباب التحريم ثم يستوى فيه الجد والهزل وقد كان طلاقا في الجاهلية فأوجب الشرع به حرمة مؤقتة بالكفارة فكما أن الاكراه لا يؤثر في الطلاق فكذلك في الظهار فان أكرهه على أن يكفر ففعل لم يرجع بذلك على الذي أكرهه لأنه أمره بالخروج عن حقه لزمه وذلك منه حسنة لا اتلاف شئ عليه بغير حق وان أكرهه على عتق عبد بعينه عن ظهار ففعل عتق وعلى المكره قيمته لأنه صار متلفا عليه مالية العبد باكراهه على ابطاله ولو لم يكن عتق هذا العبد بعينه مستحقا عليه بل المستحق كان واجبا في ذمته يؤمر بالخروج عنه فيما بينه وبين ربه وذلك في حكم العين كالمعدوم فلهذا ضمن المكره قيمته بخلاف الأول لان هناك أمره بالخروج عما في ذمته من غير أن يقصد ابطال ملكه في شئ من أعيان ماله ثم لا يجزيه عن الكفارة هنا لأنه في معنى عتق بعوض ولو استحق العوض على العبد بالشرط لم يجز على الكفارة فكذلك إذا استحق العوض على المكره فان قال أنا أبرئه من القيمة حتى يجزيني من الكفارة لم يجز ذلك لان العتق نفذ غير مجزئ عن الكفارة والموجود بعده ابراء عن الدين وبالابراء لا تتأدى الكفارة وان قال أعتقه حين أكرهني وأردت به كفارة الظهار ولم أعتقه لاكراهه اجزه عن كفارة الظهار ولم يكن له على المكره شئ لأنه أقر انه كان طائعا في تصرفه قاصدا إلى اسقاط الواجب عن ذمته واقراره حجة عليه وان قال أردت العتق عن الظهار كما أمرني لم يخطر ببالي غير ذلك لم يجزه عن كفارة الظهار وله على المكره القيمة لأنه أجاب المكره إلى ما أكرهه عليه وهو العتق عن الظهار فلا يخرج به من أن يكون مكرها فإذا كان مكرها كان التلف
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 2
2 باب التعزير 35
3 باب من طبخ العصير 37
4 كتاب الاكراه 38
5 باب ما يكره عليه اللصوص غير المتأولين 47
6 باب الاكراه على العتق والطلاق والنكاح 62
7 باب ما يكره أن يفعله بنفسه أو ماله 66
8 باب تعدي العامل 72
9 باب الاكراه على دفع المال وآخذه 78
10 باب من الاكراه على الاقرار 83
11 باب من الاكراه على النكاح والخلع والعتق والصلح عن دم العمد 85
12 باب الاكراه على الزنا والقطع 88
13 باب الاكراه على البيع ثم يبيعه المشتري من آخر أو يعتقه 93
14 باب الاكراه على ما يجب به عتق أو طلاق 100
15 باب الإكراه على النذر و اليمين 105
16 باب اكراه الخوارج المتأولين 108
17 باب ما يخالف المكره فيه أمر به 109
18 باب الاكراه على أن يعتق عبده عن غيره 112
19 باب الاكراه على الوديعة وغيرها 119
20 باب التلجئة 122
21 باب العهدة في الاكراه 128
22 باب ما يخطر على بال المكره من غير ما أكره عليه 129
23 باب زيادة المكره على ما أمره به 132
24 باب الخيار في الاكراه 135
25 باب الاكراه فيما يوجب لله عليه أن يؤديه اليه 144
26 باب الاكراه في الوكالة 147
27 باب ما يسع الرجل في الاكراه وما لا يسعه 151
28 باب اللعان الذي يقضى به القاضي ثم يتبين أنه باطل 155
29 كتاب الحجر 156