ما أكره عليه حقيقة وحكما كان طائعا فيه ولو أمره بالهبة فنحلها أو أعمرها كان باطلا لان النحلة والعمرى هبة فهذه ألفاظ مختلفة والمقصود بالكل واحد وفى الاكراه يعتبر المقصود دل على الفرق ان اختلاف الشاهدين في لفظة الهبة والنحلة والعمرى لا يمنع قبول الشهادة واختلافهما في الهبة والصدقة يمنع قبول الشهادة سواء كان الموهوب له ذا رحم محرم أو أجنبيا ولو أكره على الهبة والدفع فوهب على عوض وتقابضا كان جائزا لأنه أتى بغير ما أمر به فالهبة بشرط العوض بعد التقابض بيع فكأنه أكرهه على الهبة فباع ولان مقصود المكره الاضرار باتلاف ملكه بغير عوض ولم يحصل ذلك إذا وهبه على عوض وقد يكون المرء ممتنعا من الهبة بغير عوض ولا يمتنع من الهبة بعوض ولو أكرهه على أن يهبه على عوض ويدفعه فباعه بذلك وتقابضا كان باطلا وكذلك أو أكره على البيع والتقابض فوهبه على عوض وتقابضا كان بعد التقابض والهبة بشرط العوض بمنزلة البيع حتى ثبت فيه جميع أحكام البيع فيكون هو مجيبا إلى ما طلب المكره في المعنى وان خالفه في اللفظ ولان قصد المكره الاضرار به وذلك لا يختلف باختلاف لفظ البيع والهبة بشرط العوض ولو أكره على أن يهبه ويدفعه ففعل فعوضه الآخر من الهبة بغير أكراه فقبله كان هذا إجازة منه بهبته حين رضى بالعوض لان العوض اما يكون عن هبة صحيحة فرضاه بالعوض يكون دليل الرضا منه بصحة الهبة ودليل الرضا كصريح الرضا فان سلم له العوض فان قبضه بتسليم العوض فهو جائز ولا رجوع لواحد منهما على صاحبه كما لو كانت الهبة بغير كره فعوضه وكما في الهبة بشرط العوض وان أبى أن يسلم العوض وقال قد سملت الهبة حين رضيت بالعوض فلا أدفع إليك العوض ولا سبيل لك على الهبة لم يكن له ذلك لان الرضا كان في ضمن العوض وإنما يكون راضيا بشرط سلامة العوض له وإذا لم يسلم له كان له أن يرجع في الهبة كما لو وهبه بشرط العوض (ألا ترى) أنه لو قال قد سلمته على أن يعوضني كذا فأبى لم يكن هذا تسليما منه للهبة (ألا ترى) أن رجلا لو وهب جارية رجل بغير أمره لرجل وقبضها الموهوب له فقال له رب الجارية عوضني منها فعوضه عوضا وقبضه كان هذا إجازة منه للهبة وان أبى أن يعوضه لم يكن هذا إجازة منه للهبة فكذلك ما سبق وكذلك لو أجبره على بيع عبده بألف درهم وعلى دفعه وقبض الثمن ففعل ذلك ثم قال للمشتري زدني في الثمن ألف درهم لم يكن هذا إجازة للبيع الأول إلا أن يزيده فان زاده جاز البيع وإن لم يزده فله أن يبطله وكذلك لو قال قد أجزت ذلك البيع على أن تزيدني
(١١٠)