المبسوط - السرخسي - ج ١٩ - الصفحة ١٥٩
يتكلم فهو باطل لان التوكيل إنابة للوكيل مناب نفسه في العبارة فإذا لم يكن الوكيل من أهل العبارة كان التوكيل باطلا وإن كان صبيا يعقل ويتكلم أو مجنونا يعقل فهو جائز لأنه من أهل العبارة (ألا ترى) ان تصرفه في حق الموكل بأمره ينفذ ولكنه ليس من أهل التزام العهدة فعهدة التصرف تكون على الموكل قال ولو وكل وكيلا بشئ من التصرفات وقال ما صنعت فيه من شئ فهو جائز فوكل الوكيل بذلك غيره فهو جائز لأنه اخبار منه على العموم والتوكيل من صنعه قال وان مات الوكيل أو جن أو ارتد ولحق بدار الحرب فالوكيل الثاني على وكالته لان الوكيل الثاني وكيل الآمر لا وكيل الوكيل فان فعل الوكيل الأول في توكيله كفعل الموكل بنفسه فصار هو بعبارة الوكيل الأول وكيلا للموكل ورأي الموكل باق فلهذا بقي على وكالته ولم يذكر في الكتاب ان الموكل إذا عزل وكيله وجاء فضولي وأخبره بذلك هل ينعزل أو لا والجواب فيه على قول أبي حنيفة رحمه الله ان المخبر إن كان عدلا انعزل بخبره وإلا فلا وفى الفضولي اختلاف الروايات على قول أبي حنيفة رحمه الله في اشتراط العدالة وفى قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله ينعزل بخبر الواحد عدلا كان أو فاسقا وسنقرر هذا الفصل في المأذون إن شاء الله تعالى فان الحجر على العبد المأذون وعزل الوكيل في هذا سواء فمن أصلهما أن ما يكون من المعاملات لا يشترط العدالة في الاخبار به لأجل الضرورة فان العدل في الخبر لا يوجد في كل معاملة (ألا ترى) ان في التوكيل والاذن إذا أخبره به مخبر فوقع في قلبه انه صادق كان له ان يتصرف وإن كان المخبر فاسقا فكذلك العزل على أصل أبي حنيفة رحمه الله إذ كل خبر يتعلق به اللزوم فقول الفاسق لا يكون حجة فيه لان الشرع نص على التوقف في خبر الفاسق بقوله تعالى فتثبتوا وذلك يمنع ثبوت اللزوم بخبره والاخبار بالعزل والحجر يلزمه الكف عن التصرف فلهذا يشترط فيه أن كان فضوليا أن يخبر عن نفسه إلا أن يكون رسولا للموكل فحينئذ هو معبر عنه فيكون الملزم قول الموكل لا قوله بخلاف التوكيل والاذن فإنه غير ملزم شيئا بل هو بالخيار ان شاء تصرف وان شاء لم يتصرف فلهذا لا تشترط العدالة فيه وذكر في نوادر هشام رحمه الله انه إذا وكل وكيلا ببيع عبده وقيمة العبد ألف فباعه بأقل من ألف على أن الوكيل بالخيار ثلاثة أيام فصار يساوى الفين في مدة الخيار ثم اختار الوكيل البيع ومضت الأيام الثلاثة فعند أبي حنيفة رحمه الله يجوز في الوجهين لأنه يملك ابتداء البيع بأقل من قيمته فكذلك يملك الإجازة وعلى قول محمد لا يجوز في
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست