المبسوط - السرخسي - ج ١٩ - الصفحة ١٥٧
خمسمائة درهم ويبطل ما بقي وهذا إشارة إلى أن الجناية على العبد فيما دون النفس فعلى هذه الرواية يسلم له باعتبار الموضحة نصف عشر بدل نفسه وذلك خمسمائة الا نصف درهم ويلزمه رد ما بقي قال ولو كانت الجناية فق ء عين فصالحه على ستة آلاف جاز في ظاهر الرواية لما قلنا وعلى قول محمد رحمه الله يسلم له من ذلك خمسة آلاف الا خمسة ويبطل ما بقي وذكر في هذا الكتاب رواية أخرى عن أبي يوسف رحمه الله أنه إذا صالحه من هذه العين على عشرة آلاف نقصت منها أحد عشر درهما ووجه هذا ان بدل الطرف وان كأن لا يتقدر بشئ فعلم أنه لا يكون مساويا لبدل النفس وإذا كان بدل نفسه يتقدر بعشرة آلاف الا عشرة ينقص من ذلك في بدل العين درهم فلهذا يسلم له عشرة آلاف الا أحد عشر درهما قال ولو كان وكيل هذا الصلح وكيل المطلوب فضمن ذلك جاز عليه ولكن إن كان زاد بقدر ما يتغابن الناس فيه لزم ذلك المطلوب حتى يرجع الوكيل عليه لأنه ممتثل أمره في الالتزام وان زاد ما لا يتغابن الناس فيه كان مخالفا لأنه بمنزلة الوكيل بالشراء فيلزمه المال بالضمان ولا يرجع علي المطلوب بشئ منه قال وإذا وكل رجلا بشجة موضحة شجها إياه رجل فليس له أن يصالح ولا يعفو ولا يخاصم لأنه لم يبين عند التوكيل انه بماذا أمره فكان عاجزا عن تحصيل مقصود الموكل بما سمى له ولو أخذ أرشها تاما كان باطلا في القياس أيضا لما قلنا إن التوكيل باطل حين لم يعرف الوكيل مقصود الموكل وفى الاستحسان إن كان عمدا فكذلك لان الواجب هو القصاص فأخذ الأرش يكون صلحا وقد بينا ان الوكيل بالشجة لا يملك الصلح وإن كان خطأ جاز أخذه الأرش لا بانتفاء أنه استوفي كمال حقه وذلك كان مقصود الموكل وهو نظير ما تقدم فيما إذا وكل وكيلا بدينة كان له أن يقبضه استحسانا فكذلك إذا وكل وكيلا بشجة لان المراد موجب الشجة وهو الدية قال ولو وكله في كل شئ له لم يكن له أن يتقاضى دينه ولا يخاصم وإنما هو وكيل بالحفظ لان في قوله وكلتك بأعيان مالي فإنه نص على ما هو له على الاطلاق وذلك في العين دون الدين ويعلم ان الحفظ مراده وليس في شئ آخر سوي الحفظ بيقين فلهذا لا يملك إلا المتيقن به قال ولو قال المشجوج ما صنعت في شجتي من شئ فهو في حل فصالح عليها أجزت ذلك استحسانا لان هذا وقوله وكلته بالصلح عن شجتي سواء فان قوله فهو في حل أي هو من النقصان في حل وذلك أنما يكون بالصلح لان مبنى الصلح على الاغماض والتجوز بدون الحق ولو أبرأه منهما لم يجز لأنه بهذا اللفظ صار وكيلا بالصلح
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست