شهدوا على الثبات لا تقبل شهادتهم لجهالة في المشهود به والا صح انها تكون مقبولة لان الجهالة إنما تمنع قبول الشهادة إذا تعذر علي القاضي القضاء بها وهنا لا يتعذر فان عرض الباب يجعل حكما فيكون عرض الطريق له بذلك القدر وطوله إلى باب الدار. قال في بعض النسخ فإن لم يجدوا الطريق فذلك أحور للشهادة وفي بعضها قال وان سموا الطول والعرض فذلك أحور للشهادة وهذا ظاهر لان الجهالة ترتفع به وأما اللفظ الأول فوجهه انه لا حاجة إلى التحديد للعمل بالشهادة وربما يمتنع بذكرها العمل بها فان من العلماء من يقدر الطريق بسبعة أذرع لحديث روى فيه فلو بين الشهود عرض الطريق ربما يذكرون أقل من ذلك أو أكثر والقاضي يذهب إلى ذلك المذهب فيرد شهادتهم وإذا أطلقوا عمل القاضي بشهادتهم فكان ترك التحديد أنفذ للشهادة ومعنى قوله أحور أي نفذ وكذلك لو قالوا مات أبوه وترك هذا الطريق ميراثا لأنهم بينوا سبب ملكه وذلك لا يقدح في شهادتهم. قال ولو كان لرجل ميزاب في دار رجل فأراد أن يسيل فيه الماء فمنعه رب الدار فليس له أن يسيل فيه الماء حتى يقيم البينة ان له في هذه الدار مسيلا لان الميزاب مركب في ملكه كالباب فلا يستحق به حقا في دار الغير الا بحجة فان أقام البينة انهم قد رأوه يسيل فيه الماء لم يستحق بهذه الشهادة شيئا لما بينا أنهم شهدوا بيد كانت له فيما مضى وقد ذكر في كتاب الشرب أنهما لو تنازعا في نهر واحدها يسيل فيه ماءه فالقول قوله لان يده قائمة في النهر باستعماله بتسييل الماء فيه فأما هنا ليس له يد قائمة في الدار بتسييل الماء في الميزاب في وقت سابق وبعض مشايخنا من المتأخر رحمهم الله قالوا إذا كان مسيل الماء إلى جانب الميزاب ويعلم أنه قديم لم يحدث صاحب السطح فإنه يستحق تسييل الماء فيه من غير بينة لأن الظاهر شاهد له فان الانسان لا يجعل سطحه إلى جانب ميزاب الا بعد أن يكون له حق تسييل الماء فيه بعمله أما إذ امتنع من تسييل الماء فيه يتعذر عليه تغييره إلى جانب آخر فان شهد الشهود ان له مسيل ماء فيها من هذا الميزاب قبلت الشهادة لان الثابت بالبينة كالثابت باقرار الخصم في حقه فان شهدوا أنه لماء المطر فهو لماء المطر وان شهدوا انه لصب الوضوء فيه فهو لذلك لأنهم بينوا صفة ما شهدوا به من الحق وإن لم يفسروا شيئا من ذلك فالقول قول رب الدار في ذلك مع يمينه لان أصل الحق ثابت بالشهادة ولا يثبت صفته فالقول قول صاحب الدار لان ضرر ذلك يختلف في حقه فان المسيل لماء المطر يكون ضرورة في وقت خاص ولصب الوضوء فيه يكون الضرر في كل وقت فيكون
(٩٤)