خشبات لان استحقاق الآخر بالخشبة لا بعلامة يستدل بها على أنه هو الذي بنى الحائط أو للآخر عليه علامة يستدل بها على أنه هو الذي بنى الحائط فان الحائط يبنى لوضع عشر خشبات لا لوضع خشبة واحدة فلهذا كان الكل لصاحب الخشبات الا موضع الخشبة الواحدة لضرورة استعمال صاحبها والثابت بالضرورة لا يعدو مواضعها وان كأن لأحدهما عليه عشر خشبات وللآخر ثلاث خشبات فصاعدا قضى به بينهما نصفان اعتبارا لأدنى الجمع بأقصاه وهذا لان لكل واحد منهما عليه حمل مقصود يبنى الحائط لأجله فلا يعتبر التفاوت بعد ذلك في القلة والكثرة كما لو تنازعا في دابة ولأحدهما عليه خمسون منا وللآخر مائة من كانت بينهما نصفين وان كأن لأحدهما عليه خشب وللآخر عليه حائط سترة فالحائط الأسفل لصاحب الخشب لكونه مستعملا له بوضع حمل مقصود عليه ولصاحب السترة السترة على حالها لان بالظاهر لا يستحق رفعه سترة الآخر بمنزلة سفل لأحدهما وعليه علو لآخر وان كأن لأحدهما عليه سترة وليس للآخر عليه شئ يقضى به لصاحب السترة لان الحائط قد يبنى لأجل السترة فكانت هذه علامة لاستحقاق صاحبها وهذا بخلاف الهوادي فان الحائط لا يبنى لأجله فلا يستحق صاحبه به الترجيح. قال وإذا كان جص بين دارين يدعيه كل واحد من صاحبي الدارين والقمط إلى أحدهما قضى به بينهما نصفان في قول أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله يقضي لمن عليه القمط واستدل بحديث دهيم بن قران ان رجلين اختصما في جص فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ليقضى بينهما فقضى بالجص لمن إليه القمط ثم أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستصوبه وأبو حنيفة رحمه الله احتج فقال نفس القمط متنازع فيه فلا يجوز أن يجعل ذلك دليل الملك لأحدهما وهو المتنازع فيه بعينه ولان الانسان قد يتخذ جصا ويجعل القمط إلى جانب جاره ليكون جانبه مستويا فيطينه ويجصصه وتأويل الحديث ان صاحب القمط أقام البينة حين تحاكما فقضى له حذيفة رضي الله عنه بالبينة وذكر القمط علي سبيل التعريف كما يقال قضى لصاحب العمامة والطيلسان وكذلك لو اختلفا في حائط ووجهه إلى أحدهما وظهره إلى الآخر فهو بينهما عند أبي حنيفة رحمه الله وعندهما يقضي لمن كان إليه ظهر البناء وانصاف اللبن لان العادة ان الانسان يجعل ظهر البناء إلى جانب نفسه ليكون مستويا وأبو حنيفة رحمه الله يقول هذه العادة مشتركة قد يجعلها إلى جانب جاره وقد يجعلها إلى الطريق فلا يكون ذلك دليل انعدام ملكه في الحائط
(٩٠)