للغائب أكثر فيترك في يده فإذا حضر الغائب قال بعض مشايخنا رحمهم الله يحتاج على قول أبي حنيفة رحمه الله إلى إعادة البينة بالقياس على مسألة القصاص والأصح أنه لا يحتاج إلى ذلك لان الحاضر أثبت الملك للميت في الكل بما أقام من البينة فان أحد الورثة خصم عن الميت فيما يدعى له وعليه فلا يحتاج الثاني إلى إقامة البينة بخلاف القصاص فإنه يثبت للوارث بعد موت المورث فمن هذا الوجه كان الحق يثبت فيه للوارث ابتداء فلا بد للذي يحضر من إعادة البينة على حقه (ألا ترى) أن هناك لم يتمكن الحاضر من استيفاء نصيبه بما أقام من البينة وهنا قد تمكن من ذلك. قال دار في يدي رجل وابن أخيه فادعى العم أن أباه مات وتركها ميراثا ولا وارث له غيره وادعي ابن الأخ أن أباه مات وتركها ميراثا له لا وارث له غيره وأقام البينة قضى بها بينهما نصفان لان كل واحد منهما خصم عن مورثه فكأنهما حيان أثبت كل واحد منهما الملك لنفسه والأب مع الابن في الخصومة في الملك بمنزلة الأجنبيين فإذا تساويا في سبب الاستحقاق وجب القضاء بينهما نصفان وان قال كانت الدار بين أخي وأبي نصفين وصدقه ابن الأخ بذلك ثم أقام البينة أن أخاه مات قبل ابنه وأقام ابن الأخ البينة أن جده مات قبل أبيه ثم مات أبوه فورثه فإنه يقضى لكل واحد منهما بالنصف الذي كأن لأبيه لان معنى هذه المنازعة أن العم يقول مات أخي أولا عن ابن وأب فللأب السدس من نصيبه والباقي للابن ثم مات أبى عن ابن وابن ابن فكان ماله لابنه فلي سبعة أسهم من أثني عشر سهما من سهم الدار وابن الأخ يقول مات الجد أولا عن ابنين فصار نصيبه بينهما نصفين ثم مات أبى عن ابن وأخ فصار نصيبه لي وذلك ثلاثة أرباع الدار فإذا ظهرت هذه المنازعة بينهما ووقع التعارض بين البينتين في اثبات التاريخ لموت كل واحد منهما ولا ترجيح لأحدهما على الآخر يجعل كأنهما ماتا معا لتعذر اثبات والترتيب التاريخ من غير حجة ولو ماتا معا لم يرث واحد منهما من صاحبه لان بقاء الوارث حيا بعد موت المورث شرط لاثبات الخلافة في ملكه فصار نصيب كل واحد منهما لوارثه الحي فلهذا قضى بالدار بينهما نصفين والله أعلم بالصواب (باب شهادة أهل الذمة في الميراث) (قال رحمه رجل مات وله ابنان أحدهما مسلم والآخر كافر فزعم كل واحد منهما
(٤٨)